صار مستوفيا له فصار مضمونا عليه فيهلك عليه، بخلاف ما إذا لم يكن مدفوعا إليه إلا بعد الشراء حيث لا يرجع أصلا، لأنه ثبت له حق الرجوع بنفس الشراء فجعل مستوفيا بالقبض بعده، إذ المدفوع إليه قبله أمانة وهو قائم على الأمانة بعده فلم يصر مستوفيا، فإذا هلك يرجع مرة فقط لما قلنا. قوله:
(معه) أي المضارب. قوله: (فالقول للمضارب) وقال زفر: القول لرب المال، وهو قول أبي حنيفة أولا، لان المضارب يدعي الربح والشركة فيه ورب المال ينكره. فالقول قول المنكر. ثم رجع وقال:
القول قول المضارب، وهو قولهما بأن حاصل اختلافهما في المقبوض فالقول قول القابض في مقدار المقبوض ولو ضمنيا اعتبارا بما لو أنكره أصلا فإن القول له. قوله: (لان القول في مقدار المقبوض للقابض) لأنه أحق بمعرفة مقدار المقبوض. قوله: (أمينا) أي كالمودع. قوله: (أو ضمنيا) كالغاصب.
قوله: (كما لو أنكره) أي القبض أصلا فالقول قوله. قوله: (ولو كان الاختلاف مع ذلك) أي مع الاختلاف في المقبوض الاختلاف في مقدار الربح، بأن قال المال رب رأس المال ألفان وشرطت لك ثلث الربح وقال المضارب رأس المال ألف وشرطت لي نصف الربح كان القول للمضارب في قدر رأس المال لأنه القابض، والقول لرب المال في مقدار الربح لأنه المنكر للزيادة، وهو لو أنكر استحقاق الربح عليه بالكلية بأن ادعى البضاعة قبل منه، فكذا في إنكاره الزيادة. ذكره الزيلعي. قوله: (فقط) لا في رأس المال، بل القول فيه للمضارب لأنه القابض كما علمت. قوله: (لأنه يستفاد من جهته) أي من جهة رب المال من حيث إن الربح نماء ملكه. قوله: (وإن أقاماها الخ) أي لان بينة رب المال في زيادة رأس المال أكثر إثباتا، ولأن بينة المضارب في زيادة الربح أكثر إثباتا كما في الزيلعي.
ويؤخذ من هذا ومن الاختلاف في الصفة أن رب المال لو ادعى المضاربة وادعى من في يده المال أنها عنان وله في المال كذا وأقاما البينة فبينة ذي اليد أولى، لأنها أثبتت حصة من المال وأثبتت الصفة.
أقول: لكن قد يقال: إن كلتا البينتين أثبتت حصة وصفة وتزيد بينة رب المال بأنه خارج إلا أن يقال: إن الصفة التي أثبتتها بينة القابض أقوى، لان شركة العنان أقوى من المضاربة، فليتأمل. قوله:
(في المقدار) أي مقدار المقبوض. قوله: (لأنه لو كان في الصفة) أي صفة الدفع هل هو مضاربة أو بضاعة؟ وقال المالك بضاعة ولم أجعل لك من الربح شيئا، وقال من في يده المال مضاربة وجعلت لي نصف الربح فالقول لرب المال، لان العامل يدعي عليه استحقاق أجر على عمله وهو ينكر والقول للمنكر، وكان الأولى تقديم هذه المسألة على المسألة السابقة فيقول: قيد بكونه في مقدار المقبوض، لأنه لو كان في مقدار الربح أيضا أو في الصفة فالقول لرب المال.
قال العلامة الرحمتي: وقوله لأنه لو كان في الصفة ليس على إطلاقه، لأنه لو ادعى المالك