وجه الاستحسان أنه تناقض في محل الخفاء فيغتفر لان النسب يبتني على العلوق، وفيه من الخفاء ما لا يخفى.
ونظيره المختلعة تدعي الطلاق وتريد الرجوع بالبدل مدعية أنه طلقها قبل الخلع تسمع دعواها وإن كانت متناقضة كما قدمناه، لان إقدامها على الخلع كالاقرار بقيام العصمة، لكن لما كان التناقض في محل الخفاء جعل عفوا لان الزوج يستقل بالطلاق فلعله طلق ولم تعلم، فإذا أقامت البينة على الطلاق قبلت. قوله: (لعلوقها الخ) قال في المنح ولنا أن مبني النسب فيه على الخفاء فيعفى فيه التناقض فتقبل دعوته إذا تيقن بالعلوق في ملكه بالولادة للأول فإنه كالبينة العادلة في إثبات النسب منه، إذ الظاهر عدم الزنا منها وأمر النسب على الخفاء، فقد يظن المرء أن العلوق ليس منه ثم يظهر أنه منه فكان عذرا في أسقاط اعتبار التناقض ا ه. قوله: (وإذا صحت) أي الدعوى. قوله: (فيفسخ البيع) لعدم جواز بيع أم الولد. قوله: (ويرد الثمن) لان سلامة الثمن مبنية على سلامة المبيع. قوله:
(ولكن إذا ادعاه المشتري الخ) قال العلامة أبو السعود في حاشيته على مسكين: والحاصل أن البائع إذا ادعى ولد المبيعة فلا يخلو، إما أن تجئ به لأقل من ستة أشهر أم لا. والثاني لا يخلو إما أن تجئ به لأقل من سنتين أم لا، ثم ذلك لا يخلو إما أن يصدقه المشتري في الدعوى أم لا، وكل ذلك لا يخلو إما أن يسبقه المشتري في الدعوى أم لا، بأن ادعاه مع البائع أو بعده أو لم يدع أصلا، وكل ذلك لا يخلو إما أن يكون الولد المدعي نسبه حيا أو ميتا، والأول لا يخلو إما أن يوقع المشتري به ما لا يمكن نقضه كالعتق والتدبير، أو ما يمكن كالبيع والكتابة والرهن والإجارة والهبة أم لا، وكذلك الام على هذا التقسيم إما أن تكون وقت الدعوة حية أو ميتة، فإن كانت حية فإما أن يكون المشتري أوقع بها ما لا يمكن نقضه وهو العتق والتدبير، أو يمكن وهو البيع والكتابة والرهن والإجارة والهبة والتزويج.
إذا عرف هذا فنقول: إذا ادعى البائع ولد المبيعة ينظر إذا جاءت لأقل من ستة أشهر وهو حي لم يتصف بالعتق أو التدبير ولم يسبقه المشتري في الدعوة ثبت النسب من البائع مطلقا صدقه المشتري أم لا، فالتقييد بالحياة للاحتراز عن الوفاة حيث لا يثبت نسبه، لان الحقوق لا تثبت للميت ابتداء ولا عليه، والتقييد بعدم اتصافه بالعتق أو التدبير للاحتراز عما إذا كان الولد عند الدعوة عتيقا أو مدبرا، بأن أعتقه المشتري أو دبره حيث لا يثبت نسبه أيضا، لان ثبوت نسبه يستلزم نقص عتقه أو تدبيره، وكل منهما بعد وقوعه لا ينتقض، بخلاف ما إذا ادعى نسبه بعد أن باعه المشتري أو كاتبه أو رهنه أو وهبه أو آجره حيث يثبت نسبه وتنقض هذه التصرفات، والتقييد بعدم سبق المشتري البائع في الدعوة للاحتراز عما إذا ادعاه قبله فإن النسب منه يثبت ولا يتصور بعده ثبوت النسب من البائع، بخلاف ما إذا ادعاه معه أو قبله حيث لا تعتبر دعوة المشتري مع دعوة البائع لان دعوة البائع أقوى لاستنادها إلى وقت العلوق، بخلاف دعوة المشتري فإنها تقتصر ولا تستند لعدم كون العلوق في ملكه، فيفرق بين ما إذا ادعاه بعد موته أو عتقه أو تدبيره، وبين ما إذا ادعاه بعد كتابته أو رهنه أو نحو ذلك، ففي الثاني يثبت النسب لا في الأول، بخلاف ما إذا ادعاه بعد موت أمه أو عتقها أو تدبيرها حيث لا يفترق الحال في ثبوت النسب بين موتها وعتقها وتدبيرها وبين كتابتها وإجارتها وتزويجها ونحو ذلك مما سبق الكلام عليه، بل يثبت نسب ولدها بالدعوة مطلقا ولا يمنع منه ثبوت هذه الأوصاف لامه،