الكوة فيرد لي القياس ا ه. ومثله في البزازية وغيرها من الكتب المعتبرة، لكنه مقيد في البزازية بما إذا كان الحائط يحتمل ذلك، وهذا القيد لا بد منه في أمثال هذا. وعبارة الذخيرة أغفلته وقيدناه فيما أسلفناه لك، فتنبه.
قال السرخسي في الوجيز عن النوادر حائط بين رجلين ولأحدهما عليه عشر خشبات وللآخر أربع فلصاحب الأربع أن يتم عشر خشبات مثل صاحبه وليس له الزيادة، وإن كان لأحدهما عليه خشب ولا شئ للآخر عليه فأراد أن يحمل مثل خشب صاحبه، قيل له ذلك، وقيل ليس له ذلك ا ه. فانظر كيف نقل الخلاف في الصورة الثانية ولم يحكه في الأولى، والفرق بينهما واضح كما ستقف عليه.
قال برهان الدين الكركي في الفيض من كتاب الحيطان: حائط بين رجلين وكان لأحدهما عليه جذوع أكثر من جذوع الآخر فلصاحب القليل أن يزيد في جذوعه حتى تكون مثل جذوعه صاحبه ا ه.
وفي العمادية: ولو كان جذوع أحدهما أكثر فللآخر أن يزيد في جذوعه إذا كان الحائط يحتمل ذلك ولم يفصلوا بين القديم والحديث ا ه.
قال في الخانية: ولو كان الحائط بين داري رجلين كل واحد منهما يدعيه ولكل واحد منهما عليه جذوع يقضي بينهما نصفين هو المختار، فإن كانت جذوع أحدهما أكثر فللآخر أن يزيد في جذوعه حتى تكون مثل جذوع الآخر، وهذا إذا كان الحائط يحتمل الزيادة، فإن كان لا يحتمل ليس له أن يزيد ا ه.
قلت: وانظر إلى قوله وكل واحد يدعيه إلى قوله يقضي نجده صريحا في أنه لا يلزم في هذه الصورة أن يكون الحائط ثابتا بالبينة بينهما، خلافا لمن وهم من أنها لا تثبت المساواة في وضع الجذوع إلا إذا ثبت الحائط لهما بالبينة، ومنشؤه أخذا من عبارة الذخيرة وذلك من عدم التأمل بها.
وحاصل عبارة الذخيرة: أن الملك الثابت بنوع ظاهر كالاتصال والتربيع لا يصلح لابطال حق الآخر، لأنا هاهنا لم نبطل حق الآخر بل قصدنا المساواة، نعم هذا يظهر من يثبت له الحائط بالتربيع وكان لصاحبه جذوع فليس له أن يرفع جذوع الآخر إلا إذا ثبت الحائط بالبينة فله رفع جذوع لآخر كما ستراه في عبارة الذخيرة، هذا وقد اتفقت كلمتهم في كتاب الصلح على أنه لو كان جذوع أحدهما أكثر، فللآخر أن يزيد في جذوعه إن كان يحتمل.
ولما كانت هذه المسألة اتفاقية قاس عليها الفقيه أبو الليث المسألة الثالثة، وهي ما إذا كان لأحدهما عليه جذوع وأراد الآخر أن يحدث جذوعا فرجع هو والحسام الشهيد وهما من أهل الترجيح جواز إحداث الجذوع أيضا مطلقا قديمة كانت الأولى أو لا، وإن كان بعضهم قد أبدى فرقا بين الحديثة والقديمة كما ستطلع عليه.
قال الحسام الشهيد في الفتاوى الصغرى: ولو كان لأحدهما عليه حمولة وليس للآخر عليه حمولة ويريد الذي لا حمولة له أن يضع على هذا الجدار حمولة مثل حمولة شريكه، إن كانت حمولته عليها محدثة فللآخر أن يضع عليه حمولة مثلها، وإن كانت الحمولة التي له قديمة فليس للآخر أن يضع حمولة. قال الفقيه أبو الليث: للآخر أن يضع عليه حمولة مثل حمولة صاحبه إن كان الحائط يحتمل مثل ذلك مطلقا: