الحق. قوله: (وإن رجع آخر ضمنا النصف) أي الأول والثاني، لأنه لما رجع الأول لم يظهر أثره، فلما رجع آخر ظهر أثره لأنه لم يبق إلا من يقوم به النصف.
وفي تلخيص الجامع: لو شهد أربعة بأربعة دراهم وقضى بها ودفعت ثم رجع واحد عن واحد والثاني عن اثنين والثالث عن ثلاثة ضمنوا نصف درهم على كل واحد سدس درهم، لان الحجة تشطرت في درهم إذ ثبت الأول على الثلاثة والرابع على الكل، ولو رجع الرابع عن الأربعة ضمنوا درهما ونصفا على الأول سدس المضمون الأول وهو ربع درهم وعلى كل واحد من الثلاثة ربع درهم وسدس درهم، لأنهم اتفقوا جميعا على الرجوع على الربع فضمنوه أرباعا على كل واحد ربع، والثالث الأول ثابت عليه بالشهادة وحده فتشطرت الحجة فيه، فوجب نصفه على الثلاثة أثلاثا ولا شئ عليه فيه لبقائه على الشهادة به، فتأمل اه. بزيادة عليه. قال المقدسي: فإن قيل: ينبغي أن يضمن الراجع الثاني فقط لان التلف أضيف إليه. قلنا: التلف مضاف إلى المجموع، إلا أن رجوع الأول لم يظهر أثره لمانع وهو من بقي، فإذا رجع الثاني ظهر أن التلف بهما.
أقول: تقدم في الحدود عن المحيط: إذا شهد على حد الرجم خمسة فرجع الخامس لا ضمان، وإن رجع الرابع ضمنا الرابع، وإن رجع ثالث يضمن الرابع. فقوله يضمن الثالث الربع مخالف لما هنا، لان المأخوذ من باب الرجوع في الشهادة أن الخامس والرابع والثالث يضمنون النصف أثلاثا، فما عن المحيط إما غلط أو ضعيف أو غير مشهور، وإذا شهد أربعة على شخص بأربعمائة درهم وقضى بها فرجع أحدهم عن مائة وآخر عن تلك المائة ومائة أخرى وآخر عن تلك المائتين ومائة أخرى فعلى الراجعين خمسون أثلاثا، لان الأول لم يرجع إلا عن مائة فبقي شاهدا بثلاثمائة، والرابع الذي لم يرجع شاهد بالثلاثمائة كما هو شاهد بالمائة الرابعة أيضا فوجد نصاب الشهادة في الثلاثمائة فلا ضمان فيها، وأما المائة الرابعة لما بقي الرابع شاهدا بها ورجع البقية تنصفت، لان العبرة لمن بقي فيضمنون نصفها وهو الخمسون أثلاثا، فإن رجع الرابع عن الجميع ضمنوا المائة أرباعا: يعني المائة التي اتفقوا على الرجوع عنها، وغير الأول يضمن الخمسين التي اتفقوا على الرجوع عنها أثلاثا، ووجه عدم ضمان المائتين والخمسين أن الأول بقي شاهدا بثلاثمائة والثالث بقي شاهدا بمائتين، فالمائتان تم عليهما النصاب، وبقي على الثالثة شاهد واحد لم يرجع، ولكن لما رجع الثلاثة غيره تنصفت المائة الثالثة، فضمنوا الخمسين أثلاثا. سائحاني. وقوله: والثالث بقي شاهدا، لعله والثاني، والمسألة مذكورة في البحر عن المحيط موجهة بعبارة أخرى، وهي أن الشهادة قائمة بقدر ثلاثمائة وخمسين لان القائم بقي شاهدا بأربعمائة والرابع بقي شاهدا بثلاثمائة فبقي على ثلاثمائة حجة كاملة فلا يجب ضمانها على أحد، بقي على المائة الزائدة شاهد واحد، وهو القائم على الشهادة فبقي من يقوم به نصف الحق فبقي نصفها، فظهر أن التالف برجوعهم نصف المائة فيجب على الراجعين لاستوائهم في إيجابها، فإن رجع الرابع عن الجميع ضمنوا المائة أرباعا وضمنوا سوى الأول خمسين أيضا أثلاثا، لأنه بقي على الشهادة من يقوم به مائتان وخمسون ا ه. والمسألة بحالها. قوله: (وإن رجعت امرأة ضمنت الربع) لبقاء ثلاثة أرباع الحق ببقاء رجل وامرأة، إذ الرجل وحده بالنصف وهذا بالاجماع. عيني. وهذا إذا كانت من رجل وامرأتين، ولو من رجلين وامرأة لا ضمان عليها وإن رجعا أيضا، لان شهادة الواحدة بعض شهادة واحد فكان القضاء مضافا إلى شهادة الرجلين.