تكملة حاشية رد المحتار - ابن عابدين ( علاء الدين ) - ج ١ - الصفحة ٥٩٢
الشهود سرا وعلنا لو جرحوا قبل التعديل إنما هو قول الامامين المشترطين لذلك لجواز القضاء بشهادة الشهود لا على قول الإمام القائل أن القاضي يكتفي بظاهر العدالة، كما تقدم بيان الخلاف بينهم فجعل وجود هذا الجرح كعدمه، فلا يصح قول صدر الشريعة: قبلت الشهادة قبل الجرح لأنه لا معنى لقبولها إلا الحكم لها، ولو حكم بفسقهم بهذه الشهادة لم يصح تزكيتهم بعدها كما قاله ابن الكمال، ولم يجز الحكم بشهادتهم على قول أحد من أئمتنا فيخالف ما قاله البرجندي، فمن قال: إن الخلف هنا لفظي فمن عدم علمه بما يقول كما هو عادته ا ه‍. لأنا نقول: إعمال الكلام أولى من إهماله. ثانيا: لما علمت من إرجاع الأقوال لبعضهم وعدم المخالفة بين كلامهم جميعا، فارجع إلى ما قدمناه وعض عليه بالنواجذ.
قوله: (على الجرح المجرد) الأولى الاتيان بالباء بدل على وفي نسخة المفرد ولا حاجة إليه، بل زيادة محضة لان الكلام في التمثيل له. قوله: (بأنهم فسقة الخ) إنما لم تقبل لان البينة إنما تقبل على ما يدخل تحت الحكم وفي وسع القاضي إلزامه، والفسق مما لا يدخل تحت الحكم، وليس في وسع القاضي إلزامه لأنه يدفعه بالتوبة، ولأن الشاهد صار بهذه الشهادة فاسقا لان فيها إشاعة الفاحشة بلا ضرورة وهي حرام بالنص. والمشهود به لا يثبت بشهادة الفاسق ولا يقال فيه ضرورة، وهي كف الظالم عن الظلم بأداء الشهادة الكاذبة، وقال قال عليه الصلاة والسلام: انصر أخاك ظالما أو مظلوما لأنه لا ضرورة إلى هذه الشهادة على ملا من الناس، ويمكنه كفه عن الظلم بإخبار القاضي بذلك سرا. بحر.
وفي القنية من الحدود: ولو قال له: يا فاسق ثم أراد أن يثبت فسقه لا تقبل. قوله: (أو زناة) أي عادتهم الزنا أو أكل الربا أو الشرب، وفي هذا لا يثبت الحد، بخلاف ما يأتي من أنهم زنوا أو سرقوا مني الخ لأنها شهادة على فعل خاص موجب للحد، هكذا ظهر لسيدي الوالد رحمه الله تعالى. قال ط: وهو في لأول محمول على ما إذا كان السبب متقادما، وفي الثاني على غير المتقادم، والتقادم بزوال الريح في غيره بشهر.
قال المقدسي: ويمكن أن يفرق بما هو أظهر من ذلك بأن قولهم شربة أو زناة أو أكلة ربا اسم فاعل، وهو قد يكون بمعنى الاستقبال فلا يقطع بوصفهم بما ذكر، بخلاف الماضي من قولهم شربوا أو زنوا أو نحوه ا ه‍ بتصرف. وهذا هو المتبادر من تخصيصهم في التمثيل للأول باسم الفاعل وللثاني بالماضي، فالظاهر أنه هو المراد. والله تعالى أعلم. وفي الكلام الآتي ما يفيد أنهم قالوا زنوا ووصفوه أو سرقوا مني كذا وبينه أو شربة خمر ولم يتقادم العهد ا ه‍، فيحمل ما هنا على أنهم لم يقولوا ذلك ا ه‍.
قال الكمال: قد وقع في صور عدم القبول أن يشهدوا بأنهم فسقة أو زناة أو شربة الخمر، وفي صور القبول أن يشهدوا بأنه شرب أو زنى، لأنه ليس جرحا مجردا لتضمنه دعوى حق الله تعالى وهو الحد ويحتاج إلى جمع وتأويل ا ه‍.
قال في الشرنبلالية: قلت وبالله التوفيق: الجمع بينهما والتأويل بما ذكره الزيلعي أن الشاهد إذا أطلق في أنه زنى أو شرب الخمر أو سرق ولم يبين وقته لا تقبل للتقادم، فيحمل ما في صور الجرح على هذا، وإن بينه ولم يكن متقادما يقبل وعليه يحمل ما في صور القبول وهذه عبارته، وما ذكره الخصاف أن الشهادة على الجرح المجرد مقبولة، تأويله إذا أقامها على إقرار المدعي بذلك أو على التزكية، وعلى هذا ما ذكره في الكافي وغيره من أن الشهود لو شهدوا أن الشهود زناة أو شربة خمر لم تقبل، وإن شهدوا أنهم زنوا أو شربوا الخمر أو سرقوا تقبل، يحمل الأول على أنه إذا كان متقادما،
(٥٩٢)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 587 588 589 590 591 592 593 594 595 596 597 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 كتاب الأشربة 3
2 كتاب الصيد 18
3 كتاب الرهن 36
4 باب ما يجوز ارتهانه وما لا يجوز 49
5 باب الرهن يوضع على يد عدل 63
6 باب التصرف والجناية عليه وجنايته على غيره 69
7 فصل في مسائل متفرقة 83
8 كتاب الجنايات 91
9 باب القود فيما دون النفس 117
10 باب الشهادة في القتل واعتبار حالته 136
11 كتاب الديات 143
12 باب ما يحدثه الرجل في الطريق وغيره 164
13 باب جناية البهيمة والجناية عليها 175
14 باب جناية المملوك والجناية عليه 186
15 باب القسامة 201
16 كتاب المعاقل 218
17 كتاب الوصايا 226
18 باب الوصية بثلث المال 248
19 باب العتق في المرض 261
20 باب الوصية للأقارب وغيرهم 265
21 باب الوصية بالخدمة والسكنى والثمرة 275
22 باب الوصي 284
23 كتاب الخنثى 315
24 كتاب الفرائض 349
25 باب العول 380
26 باب توريث ذوي الأرحام 386
27 باب المخارج 399
28 مطلب تقرير في النظر بلا علمه 460
29 مطلب الناظر وكيل في حياة الواقف وصي في موته 460
30 مطلب الاجر بقدر المشقة 472
31 كتاب الشهادات 474
32 باب القبول وعدمه 520
33 مطلب إذا سكر الذمي لا تقبل شهادته 524
34 مطلب شهد أن الدائن أبرأهما وفلانا عن الانف 552
35 باب الاختلاف في الشهادة 616
36 باب الشهادة على الشهادة 646
37 مطلب علم القاضي ليس بحجة إلا في كتاب القاضي للضرورة اه‍ منه 652
38 مطلب في معنى قولهم الإساءة أفحش من الكراهة والكراهة أفحش من الإساءة 652
39 مطلب فلان بدون الألف واللام كناية عن الأناسي وبهما كناية عن البهائم 652
40 باب الرجوع عن الشهادة 663
41 مطلب في علة العلة 688
42 كتاب الوكالة 691
43 مطلب يشترط العلم للوكيل بالتوكيل 693
44 مطلب مسألة القمقمة 716
45 باب الوكالة بالبيع والشراء 724
46 مطلب الجهالة ثلاثة أنواع 724
47 مطلب حادثة الفتوى 742
48 فصل لا يعقد وكيل البيع والشراء مع ترد شهادته له 759
49 مطلب تفسير الخيرية 762
50 مطلب في حد الفاحش 767
51 مطلب الشركة مثل المضاربة في أن الأصل فيها الاطلاق 773
52 باب الوكالة بالخصومة والقبض 791
53 باب عزل الوكيل 813