قاضيخان، والتعاليل المتقدمة تظهر عليه. قوله: (فتنبه وتبصر) في كلام الشارح عفي عنه في هذا المقام نظر من وجوه:
الأول: أن قوله ولو بعد القضاء ليس في محله، لان الضمير في قول المصنف قبلت راجع إلى الشهادة كما نص عليه في المنح وهو مقتضى صنيعه هنا، وحينئذ فلا معنى لقبولها بعد القضاء، بل الصواب ذكره بعد عبارة الملتقى.
الثاني: أنه لا محل للاستدراك هنا لان في المسألة قولين، ولا يقبل الاستدراك بقول على آخر إلا أن يعتبر الاستدراك بالنظر إلى ترجيح الثاني.
الثالث: أن قوله وكذا لو وقع الغلط في بعض الحدود أو النسب يقتضي أنه مفرع على القول المذكور في المتن وليس كذلك.
الرابع: أنه يقتضي أن لا يقبل قوله بذلك وليس كذلك. وعبارة الزيلعي تدل على ما قلنا من أوجه النظر المذكور حيث قال: ثم قيل بجميع ما شهد به أولا، حتى لو شهد بألف ثم قال غلطت في خمسمائة يقضي بالألف، لان المشهود به أولا صار حقا للمدعي ووجب على القاضي القضاء به فلا يبطل برجوعه، وقيل يقضي بما بقي لان ما حدث بعد الشهادة قبل القضاء كحدوثه عند الشهادة، ثم قال: وذكر في النهاية أن الشاهد إذا قال أوهمت في الزيادة أو في النقصان يقبل قوله إذا كان عدلا، ولا يتفاوت بين أن يكون قبل القضاء أو بعده. رواه عن أبي حنيفة. وعلى هذا: أي على اعتبار المجلس في دعوى التوهم لو وقع الغلط في ذكر بعض حدود العقار، كما لو ذكر الشرقي مكان الغربي أو بالعكس، أو في بعض النسب كما لو ذكر محمد بن أحمد بن عمر بدل محمد بن علي بن عمر ثم تذكر تقبل لأنه قد يبتلي به في مجلس القضاء، فذكره ذلك للقاضي دليل على صدقه واحتياطه في الأمور: أي إن تداركه قبل البراح عن المجلس قبلت، وإلا فلا كما في العناية. تأمل ا ه. قوله:
(لا تقبل) لجواز أنه غره الخصم بالدنيا، وقيد في الهداية والزيلعي شرط عدم البراح بما إذا كان موضع شبهة كالزيادة والنقصان في قدر المال، وإلا فلا بأس بإعادة الكلام وإن برح عن المجلس مثل أن يترك لفظ أشهد أو اسم المدعي أو المدعى عليه أو الإشارة إلى أحد الخصمين وما يجري مجراه. شرنبلالية.
لان تعيين المحتمل وتقييد المطلق يصح من الشاهد ولو بعد الافتراق كما في البزازية والخانية، وإنما يتصور ذلك قبل القضاء لان لفظ الشهادة وبيان اسم المدعي والمدعى عليه والإشارة إليهما شرط القضاء ا ه. وعن أبي حنيفة وأبي يوسف أنه يقبل في غير المجلس أيضا إذا كان عدلا، والظاهر ما ذكرناه ا ه.
(أقول): التقييد بالزيادة والنقصان في قدر المال يشترط فيه المجلس وعدم البراح، بخلاف ما ذكر بعده. قوله: (في بعض الحدود أو النسب) فإن كان الشاهد عدلا ولم يبرح عن مجلس القاضي ولم يطل المجلس ولم يكذبه المشهود له ولم تكن مناقضة قبلت، وإلا لا. والمراد بالحدود حدود الدار مثلا كما قدمناه، لأنه قد يبتلي بالغلط في مجلس القاضي.
وفي البزازية: ولو غلطوا في حد أو حدين ثم تداركوا في المجلس أو غيره يقبل عند إمكان