المجرد مقبولا قبل التعديل ولو من واحد وغير مقبول بعده، بل يحتاج إلى نصاب الشهادة وإثبات حق الشرع أو العبد ا ه. وهذا لا ينافي قبول شهادة المطعون فيهم بالجرح المجرد إذا عدلوا، لان هذا الطعن ليس شهادة عليهم أخرجتهم عن حيز القبول وهو ما أراده ابن الكمال ط. قوله: (وأطلق ابن الكمال ردها) أي رد شهادة الطاعن بالفسق المجرد ولو قبل التعديل: أي فلم يعتبرها: أي على أنها شهادة مخرجة للمطعون فيه بالمجرد عن حيز القبول، ويدل على أن هذا مراده ما ذكره من السؤال والجواب بقوله. فإن قلت: أليس الخبر عن فسق الشهود قبل إقامة البينة على عدالتهم يمنع القاضي عن قبول شهادتهم والحكم بها؟
قلت: نعم، لكن ذلك للطعن في عدالتهم لا لثبوت أمر يسقطهم عن حيز القبول، ولذا لو عدلوا بعد هذا تقبل شهادتهم، ولو كانت الشهادة على فسقهم مقبولة لسقطوا عن حيز الشهادة ولم يبق لهم مجال التعديل ا ه. قوله: (وذكر وجهه) حيث قال: إنما لا تقبل البينة على الجرح المجرد لأنه لا يدخل تحت الحكم، والبينة إنما تقبل فيما يدخل تحت الحكم، وفي وسع القاضي إلزامه، وهذا لا يختلف بكونه قبل إقامة البينة على العدالة وكونه بعدها. قوله: (وفيه) أي كلام النقاية حيث جعل عدم قول التفسيق المجرد في الشاهد المعدل، وهو يفيد أنه يقبل في غير المعدل. قوله: (لم يلتفت لهذه الشهادة) الأولى لا يلتفت: أي لا يعتبرها على أنها شهادة مسقطة لشهادة الشهود ولو عدلوا، بل تمنعه عن الحكم إلى أن يعدلوا، فإذا عدلوا قبل شهادتهم، فآل إلى الكلام السابق. قوله: (ولكن يزكي الخ) ولو كانت شهادة مقبولة لما طلب التزكية بعدها.
أقول: أعلم أن القهستاني نقل أولا عن مصنف متنه أن القضاء قبل التعديل لا يجوز، فكيف إذا وجد الجرح، فنظر في هذا بقوله: وفيه أن القاضي الخ.
وأقول: الذي يؤخذ من المذهب وإليه ترجع هذه العبارات بالعناية أن مذهب الامام أن ظاهر العدالة يجوز الحكم قبل ثبوت حقيقتها إن لم يطلب الخصم التعديل. وقالا: لا بد من حقيقتها مطلقا، ومن البين أن الجرح المجرد أقل ما هناك ينبئ عن طلب التعديل فحينئذ لا بد من التعديل باتفاق، فمن قال قبلت شهادته مراده أنه لا يكفي حينئذ ظاهر العدالة، ومن قال ردت مراده أن التعديل لو كان ثابتا أو أثبت بعد ذلك لا يعارضه الجرح المجرد فلا يبطل العدالة كالجرح الغير المجرد كما قدمناه قريبا. قوله: (وجعله البرجندي) أي جعل قبول الشهادة إذا عدلوا على قولهما الخ. قد علمت أنه لا حاجة إلى ذلك وأن الخلاف لفظي.
قال سيدي الوالد رحمه الله تعالى: والمتبادر منه رجوعه إلى قوله: لكن يزكي الشهود سرا وعلنا.
أما على قول الإمام فيكتفي بالتزكية علنا كما نقدم، وهذا محله ما إذا لم يطعن الخصم، أما إذا طعن كما هنا فلا اختلاف بل هو على قول الكل من أنهم يزكون سرا وعلنا، فتأمل وراجع. ولعل هذا هو وجه أمر الشارح بقوله فتنبه، والظاهر أن الضمير راجع إلى الاطلاق المفهوم من قوله وأطلق الكمال ا ه.
وهذا أولى مما ذكره بعض الأفاضل بقوله: وجعله البرجندي على قولهما: يعني إنما يحتاج إلى تزكية