في الأنساب والنياحة، والأنواء فالطعن معروف، والنياحة ما ذكر. والأنواء جمع نوء: هي منازل القمر والعرب كانت تعتقد أن الأمطار والخير كلها تجئ منها، وقيل النوح: بكاء معه صوت اه. رملي على المنح.
قال في البحر: قولهم إن النائحة لا تسقط عدالتها إلا إذا ناحت في مصيبة غيرها مع أن النياحة كبيرة للتوعد عليها لكن لا تظهر إلا في مصيبة غيرها غالبا اه. وهذا الذي ينبغي التعليل به، وأما الذي يذكره الشارح عن الواني فلا ينبغي تضييع المراد به، إذ ظاهره أنه يباح لها حينئذ، وهو خلاف المعلوم من الدين بالضرورة.
قال في التتارخانية معزيا للمحيط: لا تقبل شهادة النائحة، ولم يرد به التي تنوح في مصيبتها، وإنما أراد التي تنوح في مصيبة غيرها واتخذت ذلك مكسبة اه. ونقله في الفتح عن الذخيرة. ثم قال: ولم يتعقب هذا من المشايخ أحد فيما علمت، لكن بعض متأخري الشارحين نظر فيه بأنه معصية فلا فرق بين كونه للناس أو لا. قال صلى الله عليه وآله: لعن الله الصالقة والحالقة والشاقة وقال: ليس منا من ضرب الخدود وشق الجيوب ودعا بدعوى الجاهلية وهي في صحيح البخاري. ولا شك أن النياحة ولو في مصيبة نفسها معصية، لكن الكلام في أن القاضي لا يقبل شهادتها لذلك وذلك يحتاج فيه إلى الشهرة ليصل إلى القاضي، فإنما قيد بكونها للناس لهذا المعنى، وإلا فهو يرد عليه مثله في قولهم:
ولا مدمن الشرب على اللهو، يريد شرب الأشربة المحرمة خمرا أو غيره. ولفظ محمد في الأصل: ولا شهادة مدمن خمر، ولا شهادة مدمن السكر، يريد ولو من الأشربة المحرمة التي ليست خمر فقال هذا الشارح يشترط الادمان في الخمر وهذه الأشربة: يعني الأشربة المحرمة لسقوط العدالة مع أن شرب الخمر كبيرة بلا قيد الادمان، ولهذا لم يشترط الخصاف في شرب الخمر الادمان، لكن نص عليه في الأصل كما سمعت فما هو جوابه؟ هو الجواب في تقييد المشايخ بكون النياحة للناس، ثم هو نقل كلام الشيخ في توجيه اشتراط الادمان أنه إنما شرط ليظهر عند الناس، فإن من شربها سرا لا تسقط عدالته ولم يتنفس فيه بكلمة واحدة، فكذا التي ناحت في بيتها لمصيبتها لا تسقط عدالتها لعدم اشتهار ذلك عند الناس، وانظر إلى تعليل المصنف بعدم ذكر الادمان بأنه ارتكب محرم دينه مع أن ذلك ثابت بلا إدمان، فإنما أراد أنه إذا أدمن حينئذ يظهر أنه مرتكب محرم دينه فترد شهادته، بخلاف التي استمرت تنوح للناس لظهوره حينئذ، فيكون كالذي يسكر ويخرج سكرانا وتلعب به الصبيان في رد شهادته، وصرح بأن الذي يتهم بشرب الخمر لا تسقط عدالته. ومنهم من فسر الادمان بنيته، وهو أن يشرب ومن نيته أن يشرب مرة أخرى، وهذا هو معنى الاصرار، وأنت تعلم أنه سيذكر رد من يأتي بابا من أبواب الكبائر التي يتعلق بها الحد، وشرب الخمر منها من غير توقف على نية أن يشرب، ولأن النية أمر مبطن لا يظهر للناس، والمدارات (1) التي يتعلق بوجودها حكم القاضي لا بد أن تكون ظاهرة لا خفية لأنها معرفة، والخفي لا يعرف والظهور بالادمان الظاهر لا بالنية. نعم بالادمان الظاهر يعرف إصراره، لكن بطلان العدالة لا يتوقف في الكبائر على الاصرار بل أن يأتيها ويعلم ذلك، وإنما ذلك