تكملة حاشية رد المحتار - ابن عابدين ( علاء الدين ) - ج ١ - الصفحة ٥٥٧
في الأنساب والنياحة، والأنواء فالطعن معروف، والنياحة ما ذكر. والأنواء جمع نوء: هي منازل القمر والعرب كانت تعتقد أن الأمطار والخير كلها تجئ منها، وقيل النوح: بكاء معه صوت اه‍. رملي على المنح.
قال في البحر: قولهم إن النائحة لا تسقط عدالتها إلا إذا ناحت في مصيبة غيرها مع أن النياحة كبيرة للتوعد عليها لكن لا تظهر إلا في مصيبة غيرها غالبا اه‍. وهذا الذي ينبغي التعليل به، وأما الذي يذكره الشارح عن الواني فلا ينبغي تضييع المراد به، إذ ظاهره أنه يباح لها حينئذ، وهو خلاف المعلوم من الدين بالضرورة.
قال في التتارخانية معزيا للمحيط: لا تقبل شهادة النائحة، ولم يرد به التي تنوح في مصيبتها، وإنما أراد التي تنوح في مصيبة غيرها واتخذت ذلك مكسبة اه‍. ونقله في الفتح عن الذخيرة. ثم قال: ولم يتعقب هذا من المشايخ أحد فيما علمت، لكن بعض متأخري الشارحين نظر فيه بأنه معصية فلا فرق بين كونه للناس أو لا. قال صلى الله عليه وآله: لعن الله الصالقة والحالقة والشاقة وقال: ليس منا من ضرب الخدود وشق الجيوب ودعا بدعوى الجاهلية وهي في صحيح البخاري. ولا شك أن النياحة ولو في مصيبة نفسها معصية، لكن الكلام في أن القاضي لا يقبل شهادتها لذلك وذلك يحتاج فيه إلى الشهرة ليصل إلى القاضي، فإنما قيد بكونها للناس لهذا المعنى، وإلا فهو يرد عليه مثله في قولهم:
ولا مدمن الشرب على اللهو، يريد شرب الأشربة المحرمة خمرا أو غيره. ولفظ محمد في الأصل: ولا شهادة مدمن خمر، ولا شهادة مدمن السكر، يريد ولو من الأشربة المحرمة التي ليست خمر فقال هذا الشارح يشترط الادمان في الخمر وهذه الأشربة: يعني الأشربة المحرمة لسقوط العدالة مع أن شرب الخمر كبيرة بلا قيد الادمان، ولهذا لم يشترط الخصاف في شرب الخمر الادمان، لكن نص عليه في الأصل كما سمعت فما هو جوابه؟ هو الجواب في تقييد المشايخ بكون النياحة للناس، ثم هو نقل كلام الشيخ في توجيه اشتراط الادمان أنه إنما شرط ليظهر عند الناس، فإن من شربها سرا لا تسقط عدالته ولم يتنفس فيه بكلمة واحدة، فكذا التي ناحت في بيتها لمصيبتها لا تسقط عدالتها لعدم اشتهار ذلك عند الناس، وانظر إلى تعليل المصنف بعدم ذكر الادمان بأنه ارتكب محرم دينه مع أن ذلك ثابت بلا إدمان، فإنما أراد أنه إذا أدمن حينئذ يظهر أنه مرتكب محرم دينه فترد شهادته، بخلاف التي استمرت تنوح للناس لظهوره حينئذ، فيكون كالذي يسكر ويخرج سكرانا وتلعب به الصبيان في رد شهادته، وصرح بأن الذي يتهم بشرب الخمر لا تسقط عدالته. ومنهم من فسر الادمان بنيته، وهو أن يشرب ومن نيته أن يشرب مرة أخرى، وهذا هو معنى الاصرار، وأنت تعلم أنه سيذكر رد من يأتي بابا من أبواب الكبائر التي يتعلق بها الحد، وشرب الخمر منها من غير توقف على نية أن يشرب، ولأن النية أمر مبطن لا يظهر للناس، والمدارات (1) التي يتعلق بوجودها حكم القاضي لا بد أن تكون ظاهرة لا خفية لأنها معرفة، والخفي لا يعرف والظهور بالادمان الظاهر لا بالنية. نعم بالادمان الظاهر يعرف إصراره، لكن بطلان العدالة لا يتوقف في الكبائر على الاصرار بل أن يأتيها ويعلم ذلك، وإنما ذلك

(1) قوله: (والمدارات) المدارات بفتح الميم والراء والدال المهملات أي مدار الامر لعدم قبول الشهادة النية وهي أمر خفي لا بد أن تكون إلخ اه‍. منه.
(٥٥٧)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 552 553 554 555 556 557 558 559 560 561 562 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 كتاب الأشربة 3
2 كتاب الصيد 18
3 كتاب الرهن 36
4 باب ما يجوز ارتهانه وما لا يجوز 49
5 باب الرهن يوضع على يد عدل 63
6 باب التصرف والجناية عليه وجنايته على غيره 69
7 فصل في مسائل متفرقة 83
8 كتاب الجنايات 91
9 باب القود فيما دون النفس 117
10 باب الشهادة في القتل واعتبار حالته 136
11 كتاب الديات 143
12 باب ما يحدثه الرجل في الطريق وغيره 164
13 باب جناية البهيمة والجناية عليها 175
14 باب جناية المملوك والجناية عليه 186
15 باب القسامة 201
16 كتاب المعاقل 218
17 كتاب الوصايا 226
18 باب الوصية بثلث المال 248
19 باب العتق في المرض 261
20 باب الوصية للأقارب وغيرهم 265
21 باب الوصية بالخدمة والسكنى والثمرة 275
22 باب الوصي 284
23 كتاب الخنثى 315
24 كتاب الفرائض 349
25 باب العول 380
26 باب توريث ذوي الأرحام 386
27 باب المخارج 399
28 مطلب تقرير في النظر بلا علمه 460
29 مطلب الناظر وكيل في حياة الواقف وصي في موته 460
30 مطلب الاجر بقدر المشقة 472
31 كتاب الشهادات 474
32 باب القبول وعدمه 520
33 مطلب إذا سكر الذمي لا تقبل شهادته 524
34 مطلب شهد أن الدائن أبرأهما وفلانا عن الانف 552
35 باب الاختلاف في الشهادة 616
36 باب الشهادة على الشهادة 646
37 مطلب علم القاضي ليس بحجة إلا في كتاب القاضي للضرورة اه‍ منه 652
38 مطلب في معنى قولهم الإساءة أفحش من الكراهة والكراهة أفحش من الإساءة 652
39 مطلب فلان بدون الألف واللام كناية عن الأناسي وبهما كناية عن البهائم 652
40 باب الرجوع عن الشهادة 663
41 مطلب في علة العلة 688
42 كتاب الوكالة 691
43 مطلب يشترط العلم للوكيل بالتوكيل 693
44 مطلب مسألة القمقمة 716
45 باب الوكالة بالبيع والشراء 724
46 مطلب الجهالة ثلاثة أنواع 724
47 مطلب حادثة الفتوى 742
48 فصل لا يعقد وكيل البيع والشراء مع ترد شهادته له 759
49 مطلب تفسير الخيرية 762
50 مطلب في حد الفاحش 767
51 مطلب الشركة مثل المضاربة في أن الأصل فيها الاطلاق 773
52 باب الوكالة بالخصومة والقبض 791
53 باب عزل الوكيل 813