أقول: هذا بمعزل عما قدمناه فيما إذا خرج للاعتبار ولم يجلس في الطريق وكان الأمير صالحا أو فاسقا ولم يقصد تعظيمه فحينئذ لا يقدح كما علمت، فافهم. قوله: (وركوب بحر) أي بحر الهند، وهو البحر الأحمر المعروف الآن ببحر السويس بأنه إذا ركب البحر إلى الهند فقد خاطر بنفسه ودينه، ومنها سكنى دار الحرب وتكثير سوادهم وعددهم وتشبهه بهم لينال بذلك مالا ويرجع إلى أهله غنيا، فإذا كان لا يبالي بما ذكر لا يأمن أن يأخذ من عرض الدنيا فيشهد بالزور. وقال ظهير الدين: لا يمنع.
قال العلامة عبد البر: والذي يظهر أن المانع ليس الركوب له مطلقا بل مع ما اقترن به، وهذا حين كان الهند كله كفرا كما يرشد إليه التعليل. كيف والنص القطعي أباح ركوب البحر مطلقا إلا عند ظن الهلاك، وما زال السلف يركبون البحار من غير إنكار، ونص القرآن العظيم أعظم دليل على الجواز اه بتصرف. وفي القهستاني: وقيل يشهد راكب البحر للتجارة وغيرها، وهو الصواب اه ط.
أقول: لا سيما في زماننا الآن فإنه لا مخاطرة بالنفس، ولا محل لظن الهلاك في السفن المخترعة الآن وهي المعروفة ببابور النار، فإن سيرها بالعجل لا بالريح، فإن سيرها بالعجل يدور ببخار الماء المغلي بالنار فلا يخشى من تلف إلا نادرا من غفلة الملاحين. قوله: (ولبس حرير) إلى قوله أو قمر محمل ذلك فيما يظهر على من شهر بذلك ط. أما لبس الحرير فلحرمته إلا ما استثنى. وأما البول في السوق فلاخلاله بالمروءة. وأما استقبال الشمس والقمر في البول فلكراهة ذلك لأنهما آيتان عظيمتان من آيات الله الباهرة، وقيل لأجل الملائكة الذين معهما، والمراد بالاستقبال استقبال عينهما، فلو كان في مكان مستور ولم تكن عينهما بمرأى منه بأن كان ساتر يمنع عن العين ولو سحابا فلا كراهة، كما إذا لم يكونا في كبد السماء كما حررته في (معراج النجاح على نور الايضاح).
أقول: ومثل لبس الحرير استعمال ما يحرم شرعا كفضة وذهب، وقوله: أو إلى قبلة ظاهره ولو في بناء مع أن الأئمة يقولون بعدم الكراهة فيه، فالظاهر أن يقيد هو وما يعده في الصحراء. قوله:
(وطفيلي) يتتبع الدعوات من غير أن يدعي وصار عادة له وإن أثم بمرة: أي بلا خلاف كما في البحر. قوله: (ومسخرة) لرفضه المروءة إن اعتاد ذلك واشتهر، ولارتكاب المحظورات غالبا بلا خلاف كما في الهندية. قوله: (ورقاص) ومنه الكوشت والحربية والمعروف بالسماع كل ذلك حرام، فمن اعتاده واشتهر عنه يقدح في عدالته دون ما يقع ممن غلب عليهم الحال ويفعلون ذلك بدون اختيار، نفعنا الله تعالى بهم، كما أوضح ذلك سيدي الوالد في رسالة (شفاء العليل وبل الغليل في حكم الوصية بالختومات والتهاليل). قوله: (وشتام للدابة) محمول على الاعتياد. أفاده في الهندية.
قوله: (وفي بلادنا يشتمون بائع الدابة) فيجري فيه التفصيل في الاعتياد وعدمه، وكثيرا ما يلعنون الدابة وبائعها فلا يجوز لعن الدابة وغيرها من الجماد، وقد ورد التصريح بالنهي عن اللعن. قوله: (لا تقبل شهادة البخيل) ذكره في الهندية عن المحيط. قوله: (يستقصي) بالصاد المهملة: أي يبالغ. قوله:
(فيما يتقرض) وفي نسخة يقبض وهو كذلك في الخلاصة. والذي في شرح الوهبانية لعبد البر