تكملة حاشية رد المحتار - ابن عابدين ( علاء الدين ) - ج ١ - الصفحة ٥٢٨
قال سيدي الوالد رحمه الله تعالى بعد كلام: والحاصل أن في المسألة قولين معتمدين.
أحدهما: عدم قبولها على العدو، وهذا اختيار المتأخرين وعليه صاحب الكنز والملتقى، ومقتضاه أن العلة العداوة لا لفسق وإلا لم تقبل على غير العدو أيضا ثانيهما: أنها تقبل إلا فسق بها، واختاره ابن وهبان وابن الشحنة اه‍. وهل حكم القاضي في العداوة حكم الشاهد؟ قال شارح الوهبانية: لم أقف عليه في كتب أصحابنا. وينبغي أن يكون الجواب فيه على التفصيل إن كان قضاؤه عليه بعلمه لا ينفذ، وإن كان بشهادة من العدول وبمحضر من الناس في مجلس الحكم بطلب خصم شرعي ينفذ. ذكره الحموي. وسياق كلام البرجندي يفيد أن شهادة العدو لعدوه مقبولة لعدم التهمة، وهذا بناء على أن العلة التهمة، أما إذا كانت العلة الفسق فلا فرق.
وقد اختلف تعليل المشايخ في ذلك. قال أبو السعود: ولعل في المسألة قولين: منهم من علل بالأول، ومنهم من علل بالثاني اه‍.
أقول: قد علمت ما قدمناه عن سيدي الوالد أنهما قولان معتمدان، وأن المتون على عدم قبولها وإن لم يفسق بها للتهمة. قوله: (إلا إذا كانت الصداقة متناهية) أي فإنها لا لا تقبل للتهمة. قوله: (بلا إصرار) أي تقبل من مرتكب صغيرة بلا إصرار، لان الالمام من غير إصرار لا يقدح في العدالة، إذ لا يوجد من البشر من هو معصوم سوى الأنبياء عليهم الصلاة والسلام، فيؤدي اشتراط العصمة إلى سد باب الشهادة وهو مفتوح. أما إذا أصر عليها وفرح بها أو استخف، إن كان عالما يقتدى به فهي كبيرة كما ذكره بعضهم. قوله: (إن اجتنب الكبائر كلها وغلب صوابه على صغائره) الأولى أن يقول على خطئه، وأشار إلى أنه كان ينبغي أن يزيد وبلا غلبة. قال ابن الكمال: لان الصغيرة تأخذ حكم الكبيرة بالاصرار، وكذا بالغلبة على ما أفصح عنه في الفتاوى الصغرى حيث قال: العدل من يجتنب الكبائر كلها، حتى لو ارتكب كبيرة تسقط عدالته، وفي الصغائر العبرة للغلبة والدوام على الصغيرة لتصير كبيرة ولذا قال: وغلب صوابه. قوله: (وهو معنى العدالة) قال الكمال: أحسن ما نقل فيها عن أبي يوسف أن لا يأتي بكبيرة ولا يصر على صغيرة ويكون ستره أكثر من هتكه، وصوابه أكثر من خطئه، ومروءته ظاهرة، ويستعمل الصدق ويجتنب الكذب ديانة ومروءة اه‍.
قال القهستاني: من اجتنبي الكبائر وفعل مائة حسنة وتسعا وتسعين صغيرة فهو عدل، وإن فعل حسنة وصغيرتين ليس بعدل اه‍. قال في البحر: هي الاستقامة، وهي بالاسلام واعتدال العقل، ويعارضه (1) هوى يضله ويصده، وليس لكمالها حد يدرك مداه، ويكتفي لقبولها بأدناه كي لا تضيع الحقوق، وهو رجحان جهة الدين والعقل على الهوى والشهوة اه‍. وتمامه فيه. قوله: (كل فعل يرفض المروءة والكرم فهو كبيرة) أي كل فعل من الذنوب والمعاصي فهو كبيرة، إذ يبعد أن يقال: إن

(1) قوله: (ويعارضه إلخ) لعله ومعارضه فليحرر.
(٥٢٨)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 523 524 525 526 527 528 529 530 531 532 533 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 كتاب الأشربة 3
2 كتاب الصيد 18
3 كتاب الرهن 36
4 باب ما يجوز ارتهانه وما لا يجوز 49
5 باب الرهن يوضع على يد عدل 63
6 باب التصرف والجناية عليه وجنايته على غيره 69
7 فصل في مسائل متفرقة 83
8 كتاب الجنايات 91
9 باب القود فيما دون النفس 117
10 باب الشهادة في القتل واعتبار حالته 136
11 كتاب الديات 143
12 باب ما يحدثه الرجل في الطريق وغيره 164
13 باب جناية البهيمة والجناية عليها 175
14 باب جناية المملوك والجناية عليه 186
15 باب القسامة 201
16 كتاب المعاقل 218
17 كتاب الوصايا 226
18 باب الوصية بثلث المال 248
19 باب العتق في المرض 261
20 باب الوصية للأقارب وغيرهم 265
21 باب الوصية بالخدمة والسكنى والثمرة 275
22 باب الوصي 284
23 كتاب الخنثى 315
24 كتاب الفرائض 349
25 باب العول 380
26 باب توريث ذوي الأرحام 386
27 باب المخارج 399
28 مطلب تقرير في النظر بلا علمه 460
29 مطلب الناظر وكيل في حياة الواقف وصي في موته 460
30 مطلب الاجر بقدر المشقة 472
31 كتاب الشهادات 474
32 باب القبول وعدمه 520
33 مطلب إذا سكر الذمي لا تقبل شهادته 524
34 مطلب شهد أن الدائن أبرأهما وفلانا عن الانف 552
35 باب الاختلاف في الشهادة 616
36 باب الشهادة على الشهادة 646
37 مطلب علم القاضي ليس بحجة إلا في كتاب القاضي للضرورة اه‍ منه 652
38 مطلب في معنى قولهم الإساءة أفحش من الكراهة والكراهة أفحش من الإساءة 652
39 مطلب فلان بدون الألف واللام كناية عن الأناسي وبهما كناية عن البهائم 652
40 باب الرجوع عن الشهادة 663
41 مطلب في علة العلة 688
42 كتاب الوكالة 691
43 مطلب يشترط العلم للوكيل بالتوكيل 693
44 مطلب مسألة القمقمة 716
45 باب الوكالة بالبيع والشراء 724
46 مطلب الجهالة ثلاثة أنواع 724
47 مطلب حادثة الفتوى 742
48 فصل لا يعقد وكيل البيع والشراء مع ترد شهادته له 759
49 مطلب تفسير الخيرية 762
50 مطلب في حد الفاحش 767
51 مطلب الشركة مثل المضاربة في أن الأصل فيها الاطلاق 773
52 باب الوكالة بالخصومة والقبض 791
53 باب عزل الوكيل 813