تكملة حاشية رد المحتار - ابن عابدين ( علاء الدين ) - ج ١ - الصفحة ٥٢٩
الاكل في السوق مثلا لغير السوقي كبيرة، بل قالوا: إنما يحرم عليه ذلك إذا كان متحملا شهادة لئلا يضيع حق المشهود له. وعبارة الخلاصة بعد أن نقل القول بأن الكبيرة ما فيه حد بنص الكتاب. قال:
وأصحابنا لم يأخذوا بذلك وإنما بنوا على ثلاثة معان: أحدها ما كان شنيعا بين المسلمين وفيه هتك حرمة. والثاني أن يكون فيه منابذة المروءة والكرم، فكل فعل يرفض المروءة والكرم فهو كبيرة.
والثالث أن يكون مصرا على المعاصي أو الفجور اه‍ وتعقبه في فتح القدير بأنه غير منضبط وغير صحيح اه‍. ولذا قال المحشي فيما ذكره الشارح عنها، قال: إلا أن يراد الكبيرة من حيث منع الشهادة. قال القهستاني: هذا التعريف غير الأصح.
قال في الذخيرة: الأصح أن ما كان شنيعا بين المسلمين وفيه هتك حرمة الدين فهو من الكبائر، وكذا ما فيه نبذ المروءة والكرم، وكذا الإعانة على المعاصي والحث عليها. وفي معين المفتي: رفض المروءة ارتكاب ما يعتذر منه ويضعه على رتبته عند أهل الفضل.
قال العيني: اختلفوا في الكبيرة، فقال أهل الحجاز وأهل الحديث: هي السبع المذكورة في الحديث المشهور، وهي: الاشراك بالله، والفرار من الزحف، وعقوق الوالدين، وقتل النفس، وبهت المؤمن، والزنا، وشرب الخمر. وزاد بعضهم عليها: أكل الربا، وأكل أموال اليتامى بغير حق. وقيل ما ثبت حرمته بدليل مقطوع به فهو كبيرة، وقيل ما فيه حد أو قتل فهو كبيرة، وقيل كل ما أصر عليه المرء فهو كبيرة. وما استغفر عنه فهو صغيرة.
والأوجه ما ذكره المتكلمون أن كل ذنب فوقه ذنب وتحته ذنب، فبالنسبة إلى ما قومه فهو صغيرة، وإلى ما تحته فهو كبيرة. والأصح ما نقل عن شمس الأئمة الحلواني أنه قال: كل ما كان شنيعا بين المسلمين وفيه هتك حرمة الله تعالى والدين فهو من جملة الكبائر اه‍. قوله: (ومتى ارتكب كبيرة سقطت عدالته) غير أن الحكم بزوال العدالة بارتكاب الكبيرة يحتاج إلى الظهور، فلذا شرط في شرب المحرم الادمان اه‍. حموي.
وفي القهستاني عن قضاء الخلاصة: المختار اجتناب الاصرار على الكبائر، فلو ارتكب كبيرة مرة قبلت شهادته. قال في الفتح: وما في الفتاوى الصغرى: العدل من يجتنب الكبائر كلها، حتى لو ارتكب كبيرة تسقط عدالته. وفي الصغائر العبرة للغلبة لتصير كبيرة حسن. ونقله عن أدب القضاء لعصام وعليه المعول، غير أن الحكم بزوال العدالة بارتكاب الكبيرة يحتاج إلى الظهور، فلذا شرط في شرب المحرم والسكر والادمان، والله سبحانه أعلم اه‍. وإذا سقطت عدالته تعود إذا تاب، لما صرحوا بأن المحدود في القذف إذا تاب فهو عدل: أي وإن لم تقبل شهادته، لكن في البحر: وفي الخانية:
الفاسق إذا تاب لا تقبل شهادته ما لم يمض عليه زمان يظهر التوبة، ثم بعضهم قدره بستة أشهر، وبعضهم قدره بسنة. والصحيح أن ذلك مفوض إلى رأي القاضي والمعدل.
وفي الخلاصة: ولو كان عدلا فشهد بزور ثم تاب فشهد تقبل من غير مدة اه‍. وسيأتي الكلام عليه في هذا الباب وقبل باب الرجوع عن الشهادة في كلام الشارح، وقدمنا أن الشاهد إذا كان فاسقا سرا لا ينبغي أن يخبر بفسقه كي لا يبطل حق المدعي، وصرح به في العمدة أيضا والخانية، والظاهر أنه لا يحل له ذلك كما استظهر سيدي الوالد رحمه الله تعالى.
(٥٢٩)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 524 525 526 527 528 529 530 531 532 533 534 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 كتاب الأشربة 3
2 كتاب الصيد 18
3 كتاب الرهن 36
4 باب ما يجوز ارتهانه وما لا يجوز 49
5 باب الرهن يوضع على يد عدل 63
6 باب التصرف والجناية عليه وجنايته على غيره 69
7 فصل في مسائل متفرقة 83
8 كتاب الجنايات 91
9 باب القود فيما دون النفس 117
10 باب الشهادة في القتل واعتبار حالته 136
11 كتاب الديات 143
12 باب ما يحدثه الرجل في الطريق وغيره 164
13 باب جناية البهيمة والجناية عليها 175
14 باب جناية المملوك والجناية عليه 186
15 باب القسامة 201
16 كتاب المعاقل 218
17 كتاب الوصايا 226
18 باب الوصية بثلث المال 248
19 باب العتق في المرض 261
20 باب الوصية للأقارب وغيرهم 265
21 باب الوصية بالخدمة والسكنى والثمرة 275
22 باب الوصي 284
23 كتاب الخنثى 315
24 كتاب الفرائض 349
25 باب العول 380
26 باب توريث ذوي الأرحام 386
27 باب المخارج 399
28 مطلب تقرير في النظر بلا علمه 460
29 مطلب الناظر وكيل في حياة الواقف وصي في موته 460
30 مطلب الاجر بقدر المشقة 472
31 كتاب الشهادات 474
32 باب القبول وعدمه 520
33 مطلب إذا سكر الذمي لا تقبل شهادته 524
34 مطلب شهد أن الدائن أبرأهما وفلانا عن الانف 552
35 باب الاختلاف في الشهادة 616
36 باب الشهادة على الشهادة 646
37 مطلب علم القاضي ليس بحجة إلا في كتاب القاضي للضرورة اه‍ منه 652
38 مطلب في معنى قولهم الإساءة أفحش من الكراهة والكراهة أفحش من الإساءة 652
39 مطلب فلان بدون الألف واللام كناية عن الأناسي وبهما كناية عن البهائم 652
40 باب الرجوع عن الشهادة 663
41 مطلب في علة العلة 688
42 كتاب الوكالة 691
43 مطلب يشترط العلم للوكيل بالتوكيل 693
44 مطلب مسألة القمقمة 716
45 باب الوكالة بالبيع والشراء 724
46 مطلب الجهالة ثلاثة أنواع 724
47 مطلب حادثة الفتوى 742
48 فصل لا يعقد وكيل البيع والشراء مع ترد شهادته له 759
49 مطلب تفسير الخيرية 762
50 مطلب في حد الفاحش 767
51 مطلب الشركة مثل المضاربة في أن الأصل فيها الاطلاق 773
52 باب الوكالة بالخصومة والقبض 791
53 باب عزل الوكيل 813