تكملة حاشية رد المحتار - ابن عابدين ( علاء الدين ) - ج ١ - الصفحة ٥٢٧
في شرح الوهبانية أنها: أي العداوة تثبت بنحو القدف وقتل الولي اه‍.
مطلب الفسق لا يتجزأ ولا تقبل شهادة من فيه عداوة دنيوية على عدوه، ولا على غيره بل تكون قادحة في حق جميع الناس، فإن الفسق لا يتجزأ حتى كون فاسقا في حق شخص لا في حق غيره، ويقاس على عدم تجزئ الفسق ما لو كان ناظرا على أوقاف عديدة وثبت فسقه بسبب خيانة في واحد منها، فإن يسرى في كلها فيعزل منها جميعا كما أفتى به المفتي أبو السعود العمادي المفسر في فتاويه، ولو ادعى شخص عداوة آخر يكون اعترافا منه بفسق نفسه، ولو شهد الشاهد على آخر فخاصم المشهود عليه الشاهد قبل القضاء لا يمتنع القضاء بشهادته إلا إذا ادعى أنه دفع إليه كذا لئلا يشهد عليه وطلب الرد وأثبت دعواه ببينة أو إقرار أو نكول فتبطل شهادته، وهو جرح مقبول كما صرحوا به، لكن قال سيدي الوالد في جواب سؤال عمن شهد عليه شهود بحق وزكوا فتعلل المدعى عليه أن الشهود من زكاهم أعداء له بسبب تشاجر معهم على قمار ولعب. فأجاب بعد كلام حاصله: ففي الحادثة المسؤول عنها ربما أنه فسق بها، إذ العداوة جرت بينهما على ما قاله المدعى عليه بسبب قمار ولعب محرمين شرعا، ولكن المتأخرون على الأول من الاطلاق سواء فسق بها أو لا، والحديث الشريف شاهد لما عليه المتأخرون كما رواه أبو داود مرفوعا لا تجوز شهادة خائن ولا ذي غمر على أخيه والغمر: الحقد. ويمكن حمله على ما إذا كان غير عدل بدليل أن الحقد فسق للنهي عنه كما أفاده في البحر.
مطلب: العداوة إذا فسق بها لا تقبل شهادته على أحد، وإن لم يفسق بها تقبل على غير عدوه وقال العلامة الخير الرملي في فتواه: فتحصل من ذلك أن شهادة العدو على عدوه لا تقبل وإن كان عدلا، وصرح يعقوب باشا في حاشيته بعدم نفاذ قضاء القاضي بشهادة العدو على عدوه، والمسألة دوارة في الكتب فإذا أثبت المدعى عليه العداوة ثبوتا شرعيا فتجري الأحكام المذكورة من عدم صحة أداء الشهادة والتزكية المذكورة لثبوت عداوتهم بالسببين المرقومين المحرمين شرعا، وسبب الحقد وأنهم ممن يفرحون لحزنه ويحزنون لفرحه اه‍. وتمامه فيه.
فإن قلت: العدالة الدنيوية فسق لأنه لا يحل معاداة المسلم لأجل الدنيا، فهلا استغنى عنه بقوله لا تقبل شهادة الفاسق.
قلت: للفرق بينهما، فإنه لو قضى بشهادة الفاسق صح وأثم كما مر، ولو قضى بشهادة العدو بسبب الدنيا لا ينفذ، لأنه ليس بمجتهد فيه كما نقله المصنف عن يعقوب باشا، لكن قال المنلا عبد الحليم في حاشيته على الدرر: وقد جاءت الرواية بعدم قبول شهادة عدو بسبب الدنيا مطلقا.
والتحقيق فيه أن من العداوة المؤثرة في العدالة كعداوة المجروح على الجارح وعداوة ولي المقتول على القاتل. ومنها غير مؤثرة كعداوة شخصين بينهما وقعت مضاربة أو مشاتمة أو دعوى مال أو حق في الجملة، فشهادة صاحب النوع - الأول لا تقبل كما هو المصرح في غالب كتب أصحابنا والمشهور على ألسنة فقهائنا، وشهادة صاحب النوع الثاني تقبل لأنه عدل، وبهذا التحقيق يحصل التوافق بين الروايتين وبين المتن والشرح وإن لم يهتد المصنف إليه، الحمد لله الذي هدانا لهذا اه‍.
(٥٢٧)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 522 523 524 525 526 527 528 529 530 531 532 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 كتاب الأشربة 3
2 كتاب الصيد 18
3 كتاب الرهن 36
4 باب ما يجوز ارتهانه وما لا يجوز 49
5 باب الرهن يوضع على يد عدل 63
6 باب التصرف والجناية عليه وجنايته على غيره 69
7 فصل في مسائل متفرقة 83
8 كتاب الجنايات 91
9 باب القود فيما دون النفس 117
10 باب الشهادة في القتل واعتبار حالته 136
11 كتاب الديات 143
12 باب ما يحدثه الرجل في الطريق وغيره 164
13 باب جناية البهيمة والجناية عليها 175
14 باب جناية المملوك والجناية عليه 186
15 باب القسامة 201
16 كتاب المعاقل 218
17 كتاب الوصايا 226
18 باب الوصية بثلث المال 248
19 باب العتق في المرض 261
20 باب الوصية للأقارب وغيرهم 265
21 باب الوصية بالخدمة والسكنى والثمرة 275
22 باب الوصي 284
23 كتاب الخنثى 315
24 كتاب الفرائض 349
25 باب العول 380
26 باب توريث ذوي الأرحام 386
27 باب المخارج 399
28 مطلب تقرير في النظر بلا علمه 460
29 مطلب الناظر وكيل في حياة الواقف وصي في موته 460
30 مطلب الاجر بقدر المشقة 472
31 كتاب الشهادات 474
32 باب القبول وعدمه 520
33 مطلب إذا سكر الذمي لا تقبل شهادته 524
34 مطلب شهد أن الدائن أبرأهما وفلانا عن الانف 552
35 باب الاختلاف في الشهادة 616
36 باب الشهادة على الشهادة 646
37 مطلب علم القاضي ليس بحجة إلا في كتاب القاضي للضرورة اه‍ منه 652
38 مطلب في معنى قولهم الإساءة أفحش من الكراهة والكراهة أفحش من الإساءة 652
39 مطلب فلان بدون الألف واللام كناية عن الأناسي وبهما كناية عن البهائم 652
40 باب الرجوع عن الشهادة 663
41 مطلب في علة العلة 688
42 كتاب الوكالة 691
43 مطلب يشترط العلم للوكيل بالتوكيل 693
44 مطلب مسألة القمقمة 716
45 باب الوكالة بالبيع والشراء 724
46 مطلب الجهالة ثلاثة أنواع 724
47 مطلب حادثة الفتوى 742
48 فصل لا يعقد وكيل البيع والشراء مع ترد شهادته له 759
49 مطلب تفسير الخيرية 762
50 مطلب في حد الفاحش 767
51 مطلب الشركة مثل المضاربة في أن الأصل فيها الاطلاق 773
52 باب الوكالة بالخصومة والقبض 791
53 باب عزل الوكيل 813