عاين اليد وواضعا ليد، فلو لم يعاينهما وإنما سمع أن لفلان كذا فلا يجوز له الشهادة لأنه مجازفة، كما لو عاين المالك لا الملك لأنه لم يحصل له العلم بالمحدود.
تنبيه: نقل الصدر حسام الدين في شرح أدب القاضي أنه إن عاين الملك دون المالك، بأن عاين محدودا ينسب إلى فلان بن فلان الفلاني وهو لم يعاينه بوجهه ولا يعرفه بنفسه القياس أن لا تحل. وفي الاستحسان: تحل لان النسب مما يثبت بالتسامع والشهرة فيصير المالك معروفا بالتسامع والملك معروف فترتفع الجهالة، وكذا إذا أدرك الملك ولم يعاين الملك، والمالك امرأة لا يراها الرجال ولا تخرج، فإن كان ذلك مشهورا عند العوام والناس فالشهادة على ذلك جائزة، يريد به إذا عاين الملك ووقع في قلبه أن الامر كما اشتهر، وهذا قاصر على هذه الصورة. ذكره عبد البر. ولم يسمع مثل هذا لضاعت حقوق الناس لان فيهم المحجوب ولا يبرز أصلا ولا يتصور أن يراه متصرفا فيه، وليس هذا إثبات الملك بالتسامع وإنما هو إثبات النسب بالتسامع وفي ضمنه إثبات الملك به وهو لا يمتنع إثباته قصدا.
عيني تبعا للزيلعي. وعزاه في البحر إلى النهاية، وهذا هو النص، وقد بحث فيه الكمال بأن مجرد ثبوت نسبه بالشهادة عند القاضي لم يوجب ثبوت ملكه لتلك الضيعة لولا الشهادة به، وكذا المقصود ليس إثبات النسب بل الملك في الضيعة اه.
وفي البزازية: شهد أن فلان بن فلان مات وترك هذه الدار ميراثا ولم يدركا الميت فشهادتهما باطلة، لأنهما شهدا بملك لم يعاينا سببه ولا رآياه في يد المدعي، ولو شهد دابة تتبع دابة وترضع منها له أن يشهد بالملك والنتاج اه ط.
وفي البحر: ولو رآه على حمار يوما لم يشهد أنه له لاحتمال أنه ركبه بالعارية، ولو رآه على حمار خمسين يوما أو أكثر ووقع في قلبه أنه لو وسعه أن يشهد أنه له، لان الظاهر أن الانسان لا يركب دابة مدة كثرة إلا الملك اه. قوله: (أي إذا ادعاه المالك) أشار به إلى التوفيق بينه وبين ما في الزيلعي متابعا لصاحب البحر. وقد ذكره مجيبا به عن التنافي الواقع بين قول من قال إنه يقضي بمعاينة وضع اليد كما في الخلاصة والبزازية، وبين قول الشارح أن القاضي لا يجوز له أن يحكم بسماع نفسه ولو تواتر عنده ولا برؤية نفسه في يد إنسان، فحمل صاحب البحر كلام الأولين على ما إذا حصلت دعوى وكلام الشارح على ما إذا لم تحصل دعوى. ورده المقدسي وحمل كلام الشارح على أن القاضي لا يقضي قضاء محكما مبرما، بحيث لو ادعى الخصم لا يقبل منه، فلا ينافي أنه يقضي قضاء ترك، بمعنى أنه يترك في يد ذي اليد ما دام خصمه لا حجة له، وقد صرح بذلك الشارح أول كلامه. وأما حمله على ما إذا لم تحصل دعوى فغير صحيح، لان القضاء بغير دعوى لا يقع أصلا فلا يتوهم إرادته.
قال السيد أبو السعود: ولا حاجة إلى هذا التكلف لان المسألة مختلف فيها، فما في الزيلعي يبتنى على قول المتأخرين من أن القاضي ليس له أن يقضي بعلمه، وهو المفتى به. وما في الخلاصة والبزازية يبتنى على مقابله. قال في الحواشي السعدية: ولا يتوهم المخالفة بين ما ذكر الزيلعي وما في النهاية، فإن ما في شرح الكنز هو ما إذا رأى القاضي قبل حال القضاء ثم رأى حال قضائه في يد غيره كما لا يخفى اه. قوله: (وإن فسر الشاهد الخ) أي فيما يشهد فيه بالتسامع. وقالوا: ينبغي