تكملة حاشية رد المحتار - ابن عابدين ( علاء الدين ) - ج ١ - الصفحة ٥٢٦
وفي الفتح: وإنما تقبل شهادة الذمي على المستأمن وإن كانا من أهل دارين مختلفين، لان الذمي بعقد الذمة صار كالمسلم وشهادة المسلم تقبل على المستأمن فكذا الذمي. قاله سيدي الوالد رحمه الله تعالى. ويأتي تأييده في المقولة الآتية إن شاء الله تعالى. قوله: (لان اختلاف داريهما) قال في البحر:
ويستثنى من الحربي على مثله ما إذا كانا في دارين مختلفين كالإفرنج والحبش لانقطاع الولاية بينهما، ولهذا لا يتوارثان، والدار تختلف باختلاف المنعة والملك اه‍. والذي في المنح ونحوه في القهستاني التعبير بما إذا كانا من دارين، فيفيد أنهما لو كانا في دارنا وهما من دارين لا تقبل شهادتهما على الآخر، لان الإرث يمتنع في هذه الصورة لوجود، الاختلاف الحكمي، وهذا هو الظاهر: خلافا لما أفاده الحموي كما تقدم في المقولة السابقة، فإنهما إذا كانا في داريهما لا وجه للقضاء بشهادته لان دار الحرب ليست دار أحكام. فليتأمل ط. قوله: (عدو) العدو: من يفرح لحزنك ويحزن لفرحك، وقيل يعرف بالعرف. بحر. ومثله في فتاوى علي أفندي عن خزانة المفتين.
قال العلامة التحرير السيد الشريف محمود أفندي حمزة مفتي دمشق الشام في فتاواه بعد كلام:
فتحصل من هذا أن من يفرح لحزن الآخر ويحزن لفرحه فهو عدوه، وكل عدو ترد شهادته إذا كانت دنيوية، فمن يفرح لحزن الآخر ويحزن لفرحه ترد شهادته، فالصغرى مسلمة لما في البحر وعلي أفندي من تعريف العدو والكبرى مسلمة للحديث الشريف (1) الذي هو دليل المجتهد، فأنتج لذاته أن من يفرح لحزن الآخر ويحزن لفرحه ترد شهادته، ثم إذا حكم بها حاكم لا ينفذ حكمه لما في البحر أيضا:
وكيف لا ترد شهادة من اتصف بهذه الصفة وهي مما تتناهى به العداوة، وقد وصف الله تعالى بها المنافقين في كتابه العزيز: * (إن تمسسكم حسنة تسؤهم وإن تصبكم سيئة يفرحوا بها) * (آل عمران: 120). قال القاضي: بيان تناهي عداوتهم إلى حد حسد وأمانا لهم من خير ومنفعة وتمنوا ما أصابهم من ضرر وشدة، فخذ الجواب مع الدليل والبرهان والله تعالى أعلم اه‍. قوله: (لأنها من التدين) فيدل على كمال دينه وعدالته، وهذا لان المعاداة قد تكون واجبة، بأن رأى فيه منكرا شرعا ولم ينته بنهيه وقد قبلوا شهادة المسلم على الكافر مع ما بينهما من العداوة الدينية. حموي. قوله: (بخلاف الدنيوية) كشهادة المقذوف على القاذف، والمقطوع عليه الطريق على القاطع، والمقتول وليه على القاتل، والمجروح على الجارح، والزوج على امرأته بالزنا إذا كان قذفها أو لا، فالعداوة ليس كما يتوهمه بعض المتفقهة، أو الشهود أن كل من خاصم شخصا في حق وادعى عليه أن يصير عدوه فيشهد بينهما بالعداوة، بل العداة إنما تثبت بنحو ما ذكرنا.
وفي القنية: أن العداوة بسبب الدنيا لا تمنع به ما لم يفسق بسببها أو يجلب منفعة أو يدفع بها عن نفسه مضرة، وهو الصحيح وعليه الاعتماد اه‍.
وفي فتاوى المصنف: سئل عن رجل شتم آخر وقذفه فهل تثبت العداوة الدنيوية بينهما بهذا القدر، حتى لو شهد لا تقبل؟ أجاب: ظاهر كلامهم أن العداوة الدنيوية تثبت بهذا القدر، فقد صرح

(١) هو قوله عليه الصلاة والسلام (لا تجوز شهادة ذي الظنة ولا ذي الحنة) رواه الحاكم والبيهقي، وهو حديث صحيح.
وذو الحنة: قال في النهاية: الحنة العداوة.
(٥٢٦)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 521 522 523 524 525 526 527 528 529 530 531 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 كتاب الأشربة 3
2 كتاب الصيد 18
3 كتاب الرهن 36
4 باب ما يجوز ارتهانه وما لا يجوز 49
5 باب الرهن يوضع على يد عدل 63
6 باب التصرف والجناية عليه وجنايته على غيره 69
7 فصل في مسائل متفرقة 83
8 كتاب الجنايات 91
9 باب القود فيما دون النفس 117
10 باب الشهادة في القتل واعتبار حالته 136
11 كتاب الديات 143
12 باب ما يحدثه الرجل في الطريق وغيره 164
13 باب جناية البهيمة والجناية عليها 175
14 باب جناية المملوك والجناية عليه 186
15 باب القسامة 201
16 كتاب المعاقل 218
17 كتاب الوصايا 226
18 باب الوصية بثلث المال 248
19 باب العتق في المرض 261
20 باب الوصية للأقارب وغيرهم 265
21 باب الوصية بالخدمة والسكنى والثمرة 275
22 باب الوصي 284
23 كتاب الخنثى 315
24 كتاب الفرائض 349
25 باب العول 380
26 باب توريث ذوي الأرحام 386
27 باب المخارج 399
28 مطلب تقرير في النظر بلا علمه 460
29 مطلب الناظر وكيل في حياة الواقف وصي في موته 460
30 مطلب الاجر بقدر المشقة 472
31 كتاب الشهادات 474
32 باب القبول وعدمه 520
33 مطلب إذا سكر الذمي لا تقبل شهادته 524
34 مطلب شهد أن الدائن أبرأهما وفلانا عن الانف 552
35 باب الاختلاف في الشهادة 616
36 باب الشهادة على الشهادة 646
37 مطلب علم القاضي ليس بحجة إلا في كتاب القاضي للضرورة اه‍ منه 652
38 مطلب في معنى قولهم الإساءة أفحش من الكراهة والكراهة أفحش من الإساءة 652
39 مطلب فلان بدون الألف واللام كناية عن الأناسي وبهما كناية عن البهائم 652
40 باب الرجوع عن الشهادة 663
41 مطلب في علة العلة 688
42 كتاب الوكالة 691
43 مطلب يشترط العلم للوكيل بالتوكيل 693
44 مطلب مسألة القمقمة 716
45 باب الوكالة بالبيع والشراء 724
46 مطلب الجهالة ثلاثة أنواع 724
47 مطلب حادثة الفتوى 742
48 فصل لا يعقد وكيل البيع والشراء مع ترد شهادته له 759
49 مطلب تفسير الخيرية 762
50 مطلب في حد الفاحش 767
51 مطلب الشركة مثل المضاربة في أن الأصل فيها الاطلاق 773
52 باب الوكالة بالخصومة والقبض 791
53 باب عزل الوكيل 813