وفي الفتح: وإنما تقبل شهادة الذمي على المستأمن وإن كانا من أهل دارين مختلفين، لان الذمي بعقد الذمة صار كالمسلم وشهادة المسلم تقبل على المستأمن فكذا الذمي. قاله سيدي الوالد رحمه الله تعالى. ويأتي تأييده في المقولة الآتية إن شاء الله تعالى. قوله: (لان اختلاف داريهما) قال في البحر:
ويستثنى من الحربي على مثله ما إذا كانا في دارين مختلفين كالإفرنج والحبش لانقطاع الولاية بينهما، ولهذا لا يتوارثان، والدار تختلف باختلاف المنعة والملك اه. والذي في المنح ونحوه في القهستاني التعبير بما إذا كانا من دارين، فيفيد أنهما لو كانا في دارنا وهما من دارين لا تقبل شهادتهما على الآخر، لان الإرث يمتنع في هذه الصورة لوجود، الاختلاف الحكمي، وهذا هو الظاهر: خلافا لما أفاده الحموي كما تقدم في المقولة السابقة، فإنهما إذا كانا في داريهما لا وجه للقضاء بشهادته لان دار الحرب ليست دار أحكام. فليتأمل ط. قوله: (عدو) العدو: من يفرح لحزنك ويحزن لفرحك، وقيل يعرف بالعرف. بحر. ومثله في فتاوى علي أفندي عن خزانة المفتين.
قال العلامة التحرير السيد الشريف محمود أفندي حمزة مفتي دمشق الشام في فتاواه بعد كلام:
فتحصل من هذا أن من يفرح لحزن الآخر ويحزن لفرحه فهو عدوه، وكل عدو ترد شهادته إذا كانت دنيوية، فمن يفرح لحزن الآخر ويحزن لفرحه ترد شهادته، فالصغرى مسلمة لما في البحر وعلي أفندي من تعريف العدو والكبرى مسلمة للحديث الشريف (1) الذي هو دليل المجتهد، فأنتج لذاته أن من يفرح لحزن الآخر ويحزن لفرحه ترد شهادته، ثم إذا حكم بها حاكم لا ينفذ حكمه لما في البحر أيضا:
وكيف لا ترد شهادة من اتصف بهذه الصفة وهي مما تتناهى به العداوة، وقد وصف الله تعالى بها المنافقين في كتابه العزيز: * (إن تمسسكم حسنة تسؤهم وإن تصبكم سيئة يفرحوا بها) * (آل عمران: 120). قال القاضي: بيان تناهي عداوتهم إلى حد حسد وأمانا لهم من خير ومنفعة وتمنوا ما أصابهم من ضرر وشدة، فخذ الجواب مع الدليل والبرهان والله تعالى أعلم اه. قوله: (لأنها من التدين) فيدل على كمال دينه وعدالته، وهذا لان المعاداة قد تكون واجبة، بأن رأى فيه منكرا شرعا ولم ينته بنهيه وقد قبلوا شهادة المسلم على الكافر مع ما بينهما من العداوة الدينية. حموي. قوله: (بخلاف الدنيوية) كشهادة المقذوف على القاذف، والمقطوع عليه الطريق على القاطع، والمقتول وليه على القاتل، والمجروح على الجارح، والزوج على امرأته بالزنا إذا كان قذفها أو لا، فالعداوة ليس كما يتوهمه بعض المتفقهة، أو الشهود أن كل من خاصم شخصا في حق وادعى عليه أن يصير عدوه فيشهد بينهما بالعداوة، بل العداة إنما تثبت بنحو ما ذكرنا.
وفي القنية: أن العداوة بسبب الدنيا لا تمنع به ما لم يفسق بسببها أو يجلب منفعة أو يدفع بها عن نفسه مضرة، وهو الصحيح وعليه الاعتماد اه.
وفي فتاوى المصنف: سئل عن رجل شتم آخر وقذفه فهل تثبت العداوة الدنيوية بينهما بهذا القدر، حتى لو شهد لا تقبل؟ أجاب: ظاهر كلامهم أن العداوة الدنيوية تثبت بهذا القدر، فقد صرح