أقول: في الذخيرة نصراني مات وترك ألف درهم وأقام مسلم شهودا من النصارى على ألف على الميت وأقام نصراني آخرين كذلك تدفع الألف المتروكة للمسلم ولا يتحاصان عنده. وعند أبي يوسف: يتحاصان. والخلاف راجع إلى أن بينة النصراني مقبولة عنده في حق إثبات الدين على الميت لا في حق إثبات الشركة بينه وبين المسلم. وعلى قول أبي يوسف مقبولة فيهما اه.
والحاصل: أنه على قول الإمام يلزم من إثبات الشركة والمحاصة الحكم بشهادة الكافر على المسلم. قوله: (إلا في خمس مسائل) الأولى فيما إذا شهد نصرانيان على نصراني أنه قد أسلم وهو يجحد لم تجز شهادتهما، وكذا لو شهد عليه رجل وامرأتان من المسلمين وترك على دينه، ولو شهد نصرانيان على نصرانية أنها أسلمت جاز وأجبرت على الاسلام ولا تقتل، وهذا قول الإمام اه. قال العلامة المقدسي: ينبغي أن يكون الكافر الذكر كذلك يجبر ولا يقتل، كما لو أسلم مكرها أو سكران، وهو كذلك في الولوالجية والمحيط. ونصه: لو شهد على إسلام النصراني رجل وامرأتان من المسلمين وهو يجحد أجبر على الاسلام ولا يقتل، ولو شهد رجلان من أهل دينه وهو يجحد فشهادتهما باطلة، لان في زعمهما أنه مرتد ولا شهادة لأهل الذمة على المرتد ا ه. الثانية: فيما إذا شهدا على نصراني ميت وهو مديون مسلم: أي والتركة لا تفي. الثالثة: فيما إذا شهدا عليه بعين اشتراها من مسلم والمسلم ينكر البيع. الرابعة: فيما إذا شهد أربعة على نصراني أنه زنى بمسلمة إلا إذا قال استكرهها فإنه يحد الرجل وحده. الخامسة: فيما إذا ادعى مسلم عبدا في يد كافر فشهد كافران أنه عبده وقضى به فلان القاضي المسلم اه. قوله: (وتبطل بإسلامه) أي شهادة الذمي على مثله بإسلامه: أي المشهود عليه قبل القضاء، لأنه لو قضى عليه لقضى على مسلم بشهادة الكافر.
قوله: (وكذا بعده لو بعقوبة) كقود. بحر. لان المعتبر إسلامه حال القضاء لا حال أداء الشهادة ولا حال الشهادة، لما في البحر عن الولوالجية: نصرانيان شهدا على نصراني بقطع يد أو قصاص ثم أسلم المشهود عليه بعد القضاء بطلت الشهادة لان الامضاء من القضاء في العقوبات اه. وهل تجب الدية؟
ذكر الخصاف أنها تجب الدية، فقيل إنه قول الكل، وقيل عنده ينفذ القضاء فيما دون النفس ويقضي بالدية في النفس. وعندهما: يقضي بالدية فيهما اه. شرنبلالية. قوله: (وإن اختلفا ملة) لان الكفر كله ملة واحدة. قوله: (والذمي على المستأمن) لان الذمي أعلى حالا منه لكونه من أهل دارنا ولذا يقتل المسلم بالذمي ولا يقتل بالمستأمن. منح. قوله: (لا عكسه) لقصور ولايته عليه لكونه أدنى حالا منه. منح. قوله: (ولا مرتد على مثله) والوجه فيه أنه لا ولاية له على أحد كما قدمناه. قوله: ( في الأصح) أي أنها لا تقبل بحال غيره كما قدمناه عن المحيط. قوله: (وتقبل منه) أي من المستأمن قيد به لأنه لا يتصور غيره، فإن الحربي لو دخل بلا أمان قهرا استرق ولا شهادة للعبد على أحد. فتح.
قوله: (مع اتحاد الدار) أي بأن يكونا من أهل دار واحدة، فإن كانوا من دارين كالروم والترك لم تقبل. هداية. لا يخفى أن الضمير في كانوا للمستأمنين في دارنا، وبه ظهر عدم صحة ما نقل عن الحموي من تمثيله لاتحاد الدار بكونهما في دار الاسلام وإلا لزم توارثهما حينئذ وإن كانا من دارين مختلفين.