الحرفة الخسيسة إذا كان بلا داع إليه من عجز أو عدم أسباب أو قلة يد تقصر عن حرفة أبيه، ولا سيما إذا كان أبوه أو وصيه علمه في صغره هذه الحرفة الدنيئة فكبر وهو لا يعرف غيرها. أما إذا كان بلا داع فيدل على رزالته وعدم مروءته ومبالاته، هذا مما يسقط العدالة. أما لو كان انتقاله لاحد هذه الاعذار المذكور فتقبل إذا كان عدلا ولا وجه لرد شهادته فتعين ما قلنا. قوله: (لا تقبل من أعمى) في شئ من الحقوق دينا أو عينا، منقولا أو عقارا. قهستاني. والعلة فيه أن الأداء يفتقر إلى التمييز بالإشارة بين المشهود له والمشهود عليه، ولا يميز الأعمى إلا بالنغمة فيخشى عليه التلقين من الخصم، إذ النغمة تشبه النغمة. قوله: (ولو قضى صح) أي قاضي ولو حنيفا كما يفيده إطلاقه، أو يحمل على قاض يرى قبولها كمالكي ط. قوله: (ما لو عمي بعد الأداء) لان المراد بعدم قبولها عدم القضاء بها، لان قيام أهليتها شرط وقت القضاء لصيرورتها حجة عنده. قوله: (وما جاز بالسماع) أي كالنسب والموت، وما تجوز الشهادة عليه بالشهرة والتسامع كما في الخلاصة. قوله: (خلافا للثاني) أي فيما لو عمي بعد الأداء قبل القضاء، وما جاز بالسماع كما في فتح القدير. ولزفر، وهو مروي عن الامام، واستظهر قول بالأول صدر الشريعة فقال: وقوله أظهر، لكن رده في اليعقوبية بأن المفهوم من سائر الكتب عدم أظهريته. وأما قوله بالثاني فهو مروي عن الامام أيضا، قال في البحر: واختاره في الخلاصة ورده الرملي بأنه ليس في الخلاصة ما يقتضي ترجيحه واختياره. نعم، قال ط: وجزم به في النصاب من غير ذكر خلاف كما في الحموي اه.
أقول: وهو ترجيح له، لكن عزاه في الخلاصة إلى النصاب. وفي النصاب: لم يتعرض لحكاية الخلاف. وفي حاشية الخير الرملي على المنح عند قوله ودخل تحته ما كان طريقه السماع خلافا لأبي يوسف كما في فتح القدير.
أقول: عبارة فتح القدير: وقال أبو يوسف: يجوز فيما طريقه السماع، وما لا يكفي فيه السماع إذا كان بصيرا وقت التحمل أعمى عند الأداء إذا كان يعرفه باسمه ونسبه اه.
أقول: فحق العبارة: خلافا لأبي يوسف فيما طريقه السماع أولا، ولزفر فيما طريقه السماع، وقد تبع الشارح شيخه في ذلك، فإن هذه عبارة حرفا بحرف، ولا يخفى ما فيها من إيهام اختصاص مذهب أبي يوسف بما طريقه السماع وليس كذلك. وفى الفتح:. قيد في الذخيرة قول أبي يوسف بما إذا كانت شهادته في الدين والعقار، أما في المنقول فأجمع علماؤنا أنها لا تقبل.
أقول: وفى الحقائق: وقال في العون: الخلاف فيما لا يحتاج فيه إلى الإشارة وفي غير الحدود.
وقال في الذخيرة: الخلاف فيما لا تجوز الشهادة بالشهرة والتسامع، أما في خلافه تقبل شهادة الأعمى فلا خلاف اه وهذا مخالف لما في أكثر الكتب من أنه لا تقبل شهادته عند أبي حنيفة ومحمد فيما طريقه السماع أو لا، فارجع إلى الشروح والفتاوى إن شئت.
قال في صدر الشريعة في مسألة الأعمى: العمى بعد الأداء قبل القضاء خلافا لأبي يوسف، وقوله أظهر. قال أخي راده في حاشيته: وجه الأظهر إن العمى إذا لم يكن مانعا عن الأداء إذا تحمل بصيرا عند أبي يوسف، فعدم كونه مانعا عن القضاء بعد أدائه بصيرا يكون في غاية الظهور عندهما،