تكملة حاشية رد المحتار - ابن عابدين ( علاء الدين ) - ج ١ - الصفحة ٥٣٧
الأرض آجرة أرضه، والمزارع مستأجر للأرض بما يدفعه لصاحبها من المشروط. ومن استأجر أرضا من آخر تصح شهادته له، ولا تصح المزارعة في غير هذه الوجوه الثلاثة كما حرر في بابها. قوله:
(وقيل أراد بالعمال) هذا ممكن في مثل عبارة الكنز فإنه لم يقل: إلا إذا كانوا أعوانا الخ. قوله:
(المحترفين) أي والذين يؤجرون أنفسهم للعمل، فإن بعض الناس رد شهادة أهل الصناعات الخسيسة فأفردت هذه المسألة على هذا الاظهار مخالفتهم، وكيف لا وكسبهم أطيب المكاسب كما في البحر. قال الرملي: فتحرر أن العبرة للعدالة لا للحرفة، وهذا الذي يجب أن يعول عليه ويفتى به. فإنا نرى بعض أصحاب الحرف الدنيئة عنده من الدين والتقوى ما ليس عند كثير من أرباب الوجاهة وأصحاب المناصب وذوي المراتب. إن أكرمكم عند الله أتقاكم. اه‍. فيكون في إيراد الشارح هذا القول رد على من رد شهادة أهل الحرفة الخسيسة.
قال في الفتح: وأما أهل الصناعات الدنيئة كالقنواتي والزبال والحائك والحجام فقيل لا تقبل، والأصح أنها تقبل لأنه قد تولاها قوم صالحون، فما لم يعلم القادح لا يبنى على ظاهر لصناعة، وتمامه فيه فراجعه. قوله: (وهي حرفة آبائه وأجداده) ظاهره أنها إذا كانت حرفتهم لا تكون دنيئة ولو كانت دنيئة في ذاتها وهو خلاف ما يعطيه الكلام الآتي. قوله: (وإلا فلا مروءة له) أي بأن كان أبوه تاجرا واحترف هو الحياكة أو الحلاقة وغير ذلك. قوله: (فلا شهادة له) أي لارتكابه الدناءة، وفيه نظر لأنه مخالف لما قدمه: يعني صاحب البحر قريبا من أن صاحب الصناعة الدنيئة كالزبال والحائك مقبول الشهادة إذا كان عدلا في الصحيح اه‍. قوله: (لما عرف في حد العدالة) قال القهستاني بعد قول النقاية: ومن اجتنب الكبائر ولم يصر على الصغائر وغلب صوابه على خطئه ما نصه: كان عليه أن يزيد قيدا آخر: أي في تعريف العدالة، وهو أن يجتنب الافعال الدالة على الدناءة وعدم المروءة كالبول في الطريق اه‍. وهو يقتضي رد شهادة ذي الصناعة الرديئة لخرم المروءة بها وإن لم تكن معصية، فتأمل ط.
وتحقيقه ما نذكره في المقولة الآتية. قوله: (فتح) لم أره في الفتح، بل ذكره في البحر بصيغة ينبغي حيث قال: وينبغي تقييد القبول بأن تكون تلك الحرفة لا ثقة به، بأن تكون حرفة آبائه وأجداده، وإلا فلا مروءة له إذا كانت حرفة دنيئة فلا شهادة له له لما عرف في حد العدالة اه‍. قال الرملي: وعندي في هذا التقييد نظر يظهر لمن نظر، فتأمل اه‍: أي في التقييد بقوله: بحرفة لائقة الخ.
قلت: ووجهه أنهم جعلوا العبرة للعدالة لا للحرفة، فكم من دنئ صناعة أتقى من ذي منصب ووجاهة. على أن الغالب أنه لا يعدل عن حرفة أبيه إلى أدنى منها إلا لقلة ذات يده أو صعوبتها عليه، ولا سيما إذا علمه إياها أبوه أو وصيه في صغره ولم يتقن غيرها، فتأمل. وفي حاشية أبي السعود: فيه نظر، لأنه مخالف لما قدمه هو قريبا من أن صاحب الصناعة الدنيئة كالزبال والحائك مقبول الشهادة إذا كان عدلا في الصحيح اه‍. وقدمناه قريبا.
قال سيدي الوالد: ويدفع بأن مراده أن عدوله عن حرفة أبيه إلى أدنى منها دليل على عدم المروءة، وإن كانت حرفة أبيه دنيئة فينبغي أن يقال هو كذلك إن عدل بلا عذر. تأمل اه‍.
أقول: فالحاصل أن المعتبر العدالة، ولا نظر إلى الحرفة إلا إذا عدل عن حرفة آبائه الشريفة إلى
(٥٣٧)
مفاتيح البحث: الشهادة (7)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 532 533 534 535 536 537 538 539 540 541 542 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 كتاب الأشربة 3
2 كتاب الصيد 18
3 كتاب الرهن 36
4 باب ما يجوز ارتهانه وما لا يجوز 49
5 باب الرهن يوضع على يد عدل 63
6 باب التصرف والجناية عليه وجنايته على غيره 69
7 فصل في مسائل متفرقة 83
8 كتاب الجنايات 91
9 باب القود فيما دون النفس 117
10 باب الشهادة في القتل واعتبار حالته 136
11 كتاب الديات 143
12 باب ما يحدثه الرجل في الطريق وغيره 164
13 باب جناية البهيمة والجناية عليها 175
14 باب جناية المملوك والجناية عليه 186
15 باب القسامة 201
16 كتاب المعاقل 218
17 كتاب الوصايا 226
18 باب الوصية بثلث المال 248
19 باب العتق في المرض 261
20 باب الوصية للأقارب وغيرهم 265
21 باب الوصية بالخدمة والسكنى والثمرة 275
22 باب الوصي 284
23 كتاب الخنثى 315
24 كتاب الفرائض 349
25 باب العول 380
26 باب توريث ذوي الأرحام 386
27 باب المخارج 399
28 مطلب تقرير في النظر بلا علمه 460
29 مطلب الناظر وكيل في حياة الواقف وصي في موته 460
30 مطلب الاجر بقدر المشقة 472
31 كتاب الشهادات 474
32 باب القبول وعدمه 520
33 مطلب إذا سكر الذمي لا تقبل شهادته 524
34 مطلب شهد أن الدائن أبرأهما وفلانا عن الانف 552
35 باب الاختلاف في الشهادة 616
36 باب الشهادة على الشهادة 646
37 مطلب علم القاضي ليس بحجة إلا في كتاب القاضي للضرورة اه‍ منه 652
38 مطلب في معنى قولهم الإساءة أفحش من الكراهة والكراهة أفحش من الإساءة 652
39 مطلب فلان بدون الألف واللام كناية عن الأناسي وبهما كناية عن البهائم 652
40 باب الرجوع عن الشهادة 663
41 مطلب في علة العلة 688
42 كتاب الوكالة 691
43 مطلب يشترط العلم للوكيل بالتوكيل 693
44 مطلب مسألة القمقمة 716
45 باب الوكالة بالبيع والشراء 724
46 مطلب الجهالة ثلاثة أنواع 724
47 مطلب حادثة الفتوى 742
48 فصل لا يعقد وكيل البيع والشراء مع ترد شهادته له 759
49 مطلب تفسير الخيرية 762
50 مطلب في حد الفاحش 767
51 مطلب الشركة مثل المضاربة في أن الأصل فيها الاطلاق 773
52 باب الوكالة بالخصومة والقبض 791
53 باب عزل الوكيل 813