وفي التتارخانية: وعن أبي الليث تجوز الشهادة في الوقف بالاستفاضة من غير الدعوى، وتقبل الشهادة الوقف وإن لم يبينوا وجها ويكون للفقراء اه.
وفي جامع الفصولين: ولو ذكر الواقف لا المصرف تقبل لو قديما ويصرف إلى الفقراء اه.
وهذا صريح فيما قلنا من عدم لزومه في الشهادة، والظاهر أنه مبني على قول أبي يوسف، وعليه فلا يكون بيان المصرف من أصله، فلا تقبل فيه الشهادة بالتسامع كما سمعت نقله عن الخانية والاسعاف، والظاهر أن هذا إذا كان المصرف جهة مسجد أو مقبرة أو نحوهما، أما لو كان للفقراء فلا يحتاج إلى إثباته بالتسامع، لما علمت من أنه يثبت بالشهادة على مجرد الوقف، فإن ثبت الوقف بالتسامع يصرف إلى الفقراء بدون ذكرهم كما علم من عبارة التتارخانية والفصولين.
وقد ذكر الخير الرملي توفيقا آخر بين ما ذكره المصنف وبين ما نقلناه عن الاسعاف والخانية، بحمل جواز الشهادة على ما إذا لم يكن الوقف ثابتا على جهة، بأن ادعى على ذي يد يتصرف بالملك بأنه وقف على جهة كذا فشهدوا بالسماع للضرورة في الأول دون الثاني، لان أصل جواز الشهادة فيه بالسماع للضرورة والحكم يدور مع علته وجازت إذا قدم. قال: وقد رأيت شيخنا الحانوتي أجاب بذلك اه ملخصا. قوله: (وإلا) أي وإلا تتوقف عليه صحته كذكر الجهات من إمام ومؤذن أو تأبيد، فإنه لا يشترط فيه في رواية عن الثاني، وعليها الافتاء كما تقدم آنفا. قوله: (بذلك) أي بالتسامع، وإنما جازت الشهادة في هذه المواضع مع عدم المعاينة إذا أخبره بها من يثق به استحسانا دفعا للحرج وتعطيل الاحكام إذ لا يحضرها إلا الخواص، فالنكاح لا يحضره كل أحد، والدخول لا يقف عليه أحد، وكذا الموت لا يعاينه كل أحد وسبب النسب الولادة ولا يحضرها إلا القابلة. وسبب القضاء التقليد ولا يعاين ذلك إلا الوزير ونحوه من الخواص، وكذا الوقف تتعلق به، وكذا بما مر أحكام تبقى على مر الدهور، فلو لم يقبل فيها التسامع أدى إلى الحرج وتعطيل الاحكام. وتمامه في الحموي ط. قوله: (من يثق الشاهد به من خبر جماعة) قال في الفتاوى الصغرى: الشهادة بالشهرة في النسب وغيره بطريق الشهرة الحقيقية أو الحكمية. فالحقيقية أن يشتهر ويسمع من قوم كثيرين لا يتصور تواطؤهم على الكذب، ولا يشترط في هذا العدالة بل يشترط التواتر. والحكمية أن يشهد عنده عدلان من الرجال أو رجل وامرأتان بلفظ الشهادة، لكن الشهرة في الثلاثة الأول: يعني النسب والنكاح والقضاء لا تثبت إلا بخبر جماعة لا يتوهم تواطؤهم على الكذب أو خبر عدلين بلفظ الشهادة وفي باب الموت بخبر العدل الواحد وإن لم يكن بلفظ الشهادة. كذا في باب النسب من شهادات خواهر زاده وكذا ذكر عدالة المخبر في الموت صاحب المختصر. شرنبلالية.
وفي الزيلعي: ولا يشترط في الموت لفظ الشهادة لأنه لا يشترط فيه العدد فكذا لفظ الشهادة.
وفي شهادة الواحد بخبر الموت قولان مصححان. ووجه القبول أن الموت قد يتفق في موضع لا يكون فيه إلا واحد، فلو قلنا إنه لا تسمع الشهادة إلا بعدد لضاعت الحقوق ط. قوله: (لا يتصور تواطؤهم على الكذب) هذا هو المتواتر عند الأصوليين، فإنه كما في المنار: الذي رواه قوم لا يحصى عددهم ولا يتوهم تواطؤهم على الكذب. قال شارحه: ولا يشترط في التواتر عدد معين خلافا للبعض. قوله:
(بلا شرط عدالة) أي لا يشترط العدالة والاسلام في المخبرين حتى لو أخبر جمع غير محصورين من