وتمكن من قياس ما لم ينص عليه على المنصوص فليس بمقلد في نفسه بل هو واسطة، فإن نص صاحب المذهب على الحكم والعلة الحق بها غير المنصوص، ولو نص على الحكم فقط فله أن يستنبط العلة ويقيس وليقل هذا قياس مذهبه لا قوله، وإن اختلف نص إمامه في مشتبهين فله التخريج من أحدهما إلى الأخرى. فرع للمفتي أن يغلظ للزجر متأولا كما إذا سأله من له عبد عن قتله وخشي أن يقتله جاز أن يقول إن قتلته قتلناك متأولا لقوله صلى الله عليه وسلم من قتل عبده قتلناه وهذا إذا لم يترتب على إطلاقه مفسدة واختلاف المفتين كالمجتهدين والله تعالى أعلم.
فصل في المستفتي: يجب أن يستفتي من عرف علمه وعدالته ولو بإخبار ثقة عارف أو باستفاضة وإلا بحث عن ذلك فلو خفيت عدالته الباطنة اكتفي بالعدالة الظاهرة. ويعمل بفتوى عالم مع وجود أعلم جهله فإن اختلفا ولا نص قدم الأعلم، وكذا إذا اعتقد أحدهما أعلم أو أورع ويقدم الأعلم على الأورع. ولو أجيب في واقعة لا تتكرر ثم حدثت لزم إعادة السؤال إن لم يعلم استناد الجواب إلى نص أو إجماع، وإن لم تطمئن نفسه إلى جواب المفتي استحب سؤال غيره ولا يجب. ويكفي المستفتي بعث رقعة أو رسول ثقة، ومن الأدب أن لا يسأل والمفتي قائم أو مشغول بما يمنع تمام الفكر وأن لا يقول بجوابه هكذا قلت أنا ولا يطالبه بدليل فإن أراده فوقت آخر وليبين موضع السؤال وينقط المشتبه في الرقعة ويتأملها لا سيما آخرها، ويتثبت ولا يقدح الاسراح مع التحقيق، وأن يشاور فيما يحسن اظهار من حضر متأهلا وإن يصلح لحنا فاحشا وليشغل بياضا بخط كيلا يلحق بشئ ويبين خطه بقلم بين قلمين، ولا بأس بكتبه الدليل لا السؤال، ولا يكتب خلف من لا يصلح، وله أن يضرب عليه إن أمن فتنة وإن سخط المالك وينهي المستفتي عن ذلك، وليس له حبس الرقعة، وينبغي للإمام أن يبحث عن أهل العلم عمن يصلح للفتوى ليمنع من لا يصلح، وليكن المفتي متنزها عن خوارم المروءة فقيه النفس سليم الذهن حسن التصرف ولو عبدا أو امرأة أو أخرس تفهم إشارته، وليس هو كالشاهد في رد فتواه لقرابة وجر نفع وتقبل فتوى من لا يكفر، ولا يفسق ببدعة كشهادته. ويفتي ولو كان قاضيا وفي اشتراط معرفة الحساب لتصحيح مسائله وجهان، ويشترط أن يحفظ مذهب إمامه ويعرف قواعده وأساليبه. وليس