كتاب القضاء لما كان أكثر المنازعات في الديون والبياعات والمنازعات محتاجة إلى قطعها أعقبها بما هو القاطع لها وهو القضاء، والكلام فيه في عشرة مواضع: الأول في معناه لغة وهو بالمد ككساء أو أكسية ففي المصباح أنه مصدر قضيت بين الخصمين وعليهما حكمت اه. وفي الصحاح: القضاء الحكم وأصله قضاي لأنه من قضيت إلا أن الياء لما جاءت بعد الألف قلبت همزة، والجمع الأقضية. وقضى أي حكم ومنه قوله تعالى * (وقضى ربك أن لا تعبدوا إلا إياه) * [الاسراء: 32] وقد يكون بمعنى الفراغ يقول قضيت حاجتي وضربه فقضى عليه أن قتله كأنه فرغ منه وسم قاض أي قاتل وقضى نحبه قضاء أي مات. وقد يكون بمعنى الأداء وإنهاء تقول قضيت ديني ومنه قوله تعالى * (وقضينا إلى بني إسرائيل في الكتاب) * [الاسراء: 4] وقوله تعالى * (وقضينا إليه ذلك الامر) * [الحجر: 66] أي أنهيناه إليه وأبلغناه ذلك. قال الفراء في قوله تعالى * (ثم اقضوا إلى) * [يونس: 17] ألي امضوا لي كما يقال قضى فلان أي مات ومضى وقد يكون بمعنى الصنع والتقدير قال أبو ذؤيب:
وعليهما مسرودتان قضاهما * داود أو صنع السوابغ تبع يقال قضاه أي صنعه وقدره ومنه قوله تعالى * (فقضاهن سبع سماوات في يومين) * [فصلت: 21] ومنه القضاء والقدر ويقال استقضى فلان أي صير قاضيا اه. وحاصله أنه يستعمل لغة بمعنى الحكم والفراغ والهلاك والأداء والانهاء والمضي والصنع والتقدير. وفي القاموس: القضاء يمد أو يقصر الحكم قضى عليه بقضي قضيا وقضى وقضية وهي الاسم أيضا إلى آخر ما فيه. الثاني في معناه شرعا فعرفه في فتح القدير بالالزام، وفي المحيط بفصل الخصومات وقطع المنازعات، وفي البدائع الحكم بين الناس بالحق وهو الثابت عند الله تعالى