البحر الرائق - ابن نجيم المصري - ج ٦ - الصفحة ٤٤٨
مسألة بقول مجتهد قوله أخف عليه، وأنا لا أدري ما يمنع هذا من النقل أو العقل وكون الانسان يتبع ما هو أخف على نفسه من قول مجتهد سوغ له الاجتهاد وما علمت من الشرع ذمه عليه وكان صلى الله عليه وسلم يحب ما خفف عن أمته، إلى هنا ما في فتح القدير. ولم يبسط أصحابنا الكلام على المفتي والمستفتي في المتون والشروح وإنما ذكر أصحاب الفتاوي بعض مسائلهما، وقد بسط الكلام عليهما في الروض في كتاب القضاء فأحببت نقله لأن قواعدنا لا تأباه ثم أنبه بعده على نقل البعض لمذهبنا والله تعالى أعلم قال:
فصل في المفتي: فإن لم يكن غيره تعين عليه، وإن كان غيره تعين عليه، وإن كان غيره فهو فرض كفاية، ومع هذا لا يحل التسارع إلى ما لا يتحقق. ويشترط إسلام المفتي وعدالته فترد فتوى الفاسق ويعمل لنفسه باجتهاده، ويشترط تيقظه وقوة ضبطه وأهلية اجتهاده، فمن عرف مسألة أو مسألتين أو مسائل بأدلتها لم تجز فتواه بها ولا تقليده، وكذا من لم يكن مجتهدا. ولو مات المجتهد لم تبطل فتواه بل يؤخذ بقوله، فعلى هذا من عرف مذهب مجتهد وتبحر فيه جاز أن يفتي بقول ذلك المجتهد. وليضف إلى المذهب إن لم يعلم أنه يفتي عليه ولا يجوز لغير المتبحر إلا في مسائل معلومة من المذهب. فرع ليس لمجتهد تقليد مجتهد ولو حدثت واقعة قد اجتهد فيها وجب إعادته إن نسي الدليل أو تجدد مشكل. فرع المنتسبون إلى مذهب إمام إما عوام فتقليدهم مفرع على تقليد الميت فقد مر، وإما مجتهدون فلا يقلدون، فإن وافق اجتهاده اجتهادهم فلا بأس وإن خالفه أحيانا، ومن لم يبلغ رتبة الاجتهاد بل وقف على أصول إمامه
(٤٤٨)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 443 444 445 446 447 448 449 450 451 452 453 ... » »»
الفهرست