من كتاب القضاء. وفي مناقب الكردري قال ابن المبارك. وقد سئل متى يحل للرجل أن يفتي ويلي القضاء قال: إذا كان بصيرا بالحديث والرأي، عارفا بقول أبي حنيفة حافظا له. وهذا محمول على إحدى الروايتين عن أصحابنا وقبل استقرار المذاهب، أما بعد التقرر فلا حاجة إليه لأنه يمكنه التقليد ا ه. ومن العجب ما سمعت من بعض حنفية عصرنا حين تكلمت قديما معه فيها أن قال لما أفتى المشايخ بشئ علمنا أنه قول الإمام فقلت إنه خطأ لأنهم يبينون قول الإمام في ظاهر الرواية ثم يقولون الفتوى على قول أبي يوسف أو محمد أو زفر، وسمعت من بعضهم أنه يقول الكل عن أبي حنيفة. قلت: نعم لكن ما خرج عن ظاهر الرواية فهو مرجوع عنه لما قرره في الأصول من عدم إمكان صدور قولين مختلفين متساويين من مجتهد والمرجوع عنه لم يبق قولا له كما ذكروه.
قوله: (وكره التقليد لمن خاف الحيف) كلا يكون ذريعة إلى مباشرة الظلم هنا نسختان: التقليد أي النصب من السلطان. والتقليد أي قبول تقليد القضاء وهي الأولى.
والحيف بمعنى الجور والظلم من حاف عليه يحيف إذا جار وخوف عدم إقامة العدل لعجزه كخوف الجور فلو قال المؤلف لمن خاف الحيف أو العجز لكان أولى لأن أحدهما يكفي، نص عليه القدوري. والمراد بالكراهة كراهة التحريم لأن الغائب الوقوع في محظوره حينئذ، ومحل الكراهة ما إذا لم يتعين عليه فإن انحصر صار فرض عين عليه وعليه ضبط نفسه إلا أن كان السلطان يمكن أن يفصل الخصومات ويتفرغ لذلك، كذا في فتح القدير. وإذا لم يمكن السلطان فصل القضايا وفي البلد قوم صالحون له أثموا كلهم، كذا في البزازية. ولم أر هل يفسق الممتنع؟ الظاهر نعم لتركه الفرض إلا أن يقال: إن للمتنع في الغالب تأويلا وهو مانع من الفسق ولم أر الآن هل يحير الممتنع المنحصر فيه؟ الظاهر جواز جبره على القبول لاضطرار الناس إليه كاطعام المضطر وسائر فروض الكفاية عند التعين، وكذا جواز جبر واحد من المتأهلين وغير المتأهل كالمعدوم قوله: (وإن أمنه لا) أي إن أمن الحيف لم يكره