البحر الرائق - ابن نجيم المصري - ج ٦ - الصفحة ٤٥٢
السؤال ثم يجيب، وإذا لم يتضح السؤال سأل من المستفتي. ولا يرمي بالكاغد إلى الأرض وهو لا يجوز، وكان بعضهم لا يأخذ الرقعة من يد امرأة ولا صبي وكان له تلميذ يأخذ منهم ويجمعها ويرفعها فيكتبها تعظيما للعلم. والأحسن أخذ المفتي من كل أحد تواضعا. ويجوز للشاب الفتوى إذا كان حافظا للروايات واقفا على الدرايات محافظا على الطاعات مجانبا للشهوات والشبهات، والعالم كبير إن كان صغيرا، والجاهل صغير وإن كان كبيرا. وصحح في السراجية أن المفتي يفتي بقول أبي حنيفة على الاطلاق ثم بقول أبي يوسف ثم بقول محمد ثم بقول زفر والحسن بن زياد ولا يخير إذا لم يكن مجتهدا. وإذا اختلف مفتيان يتبع قول الأفقه منهما بعد أن يكون أورعهما. وينبغي أن يكتب عقب جوابه والله أعلم أو نحوه.
وقيل في العقائد يكتب والله الموفق ونحوه، وكره بعضهم الافتاء والصحيح عدم الكراهة للأهل. ولا ينبغي الافتاء إلا لمن عرف أقاويل العلماء من أين قالوا، فإن كان في المسألة خلاف لا يختار قولا يجيب به حتى يعرف حجته، وينبغي السؤال من أفقه أهل زمانه فإن اختلفوا تحرى ا ه‍. وصحح في الحاوي القدسي أن الإمام إذا كان في جانب وهما في جانب فالأصح أن الاعتبار لقوة المدرك. فإن قلت: كيف جاز للمشايخ الافتاء بغير قول الإمام الأعظم مع أنهم مقلدون؟ قلت: قد أشكل على ذلك مدة طويلة ولم أر فيه جوابا إلا ما فهمته الآن من كلامهم وهو أنهم نقلوا من أصحابنا أنه لا يحل لاحد أن يفتي بقولنا حتى يعلم من أين قلنا حتى نقل في السراجية أن هذا سبب مخالفة عصام للإمام وكان يفتي بخلاف قوله كثيرا لأنه لم يعلم الدليل وكان يظهر له دليل غيره فيفتي به فأقول: إن هذا الشرط كان في زمانهم أما في زماننا فيكتفي بالحفظ كما في القنية وغيرها فيحل الافتاء بقول الإمام بل يجب وإن لم نعلم من أين قال، وعلى هذا فما صححه في الحاوي مبني على ذلك الشرط. وقد
(٤٥٢)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 447 448 449 450 451 452 453 454 455 456 457 ... » »»
الفهرست