البحر الرائق - ابن نجيم المصري - ج ٦ - الصفحة ٤٤٤
عن المحارم وخوارم المروءة والعقل على قول الأكثر كما في التحرير قوة بها إدراك الكليات للنفس ا ه‍. والمراد بالوثوق به في عقله أن يكون كامله فلا يولي الأحمق وهو ناقص العقل.
قال في المستظرف: الحمق الخفة غريزة لا تنفع فيها الحيلة وهي داء ودواؤه الموت وفي الحديث الأحمق أبغض الخلق إلى الله تعالى إذ حرمه أعز الأشياء عليه وهو العقل. ويستدل على صفته من حيث الصورة بطول اللحية لأن مخرجها من الدماغ فمن أفرط طول لحيته قل دماغه، ومن قل دماغه قل عقله، ومن قل عقله فهو أخف. وأما صفته من حيث الافعال فترك نظره في العواقب، وثقته بمن لا يعرفه، والعجب وكثرة الكلام وسرعة الجواب وكثرة الالتفات والخلو من العلم، والعجلة والخفة والسفه والظلم والغفلة والسهو والخيلاء، إن استغنى بطر، وإن افتقر قنط، وإن قال فحش، وإن سئل بخلال، وإن سأل ألح، وإن قال لم يحسن، وإن قيل له لم يفقه، وإن ضحك قهقه، وإن بكى صرخ. وإذا اعتبرنا هذه الخصال وجدناها في كثير من الناس فلا يكاد يعرف العاقل من الأحمق قال عيسى عليه السلام:
عالجت الأكمه والأبرص فأبرأتهما وعالجت الأحمق فلم يبرأ ا ه‍. وأما الصلاح فهو لغة خلاف الفساد كما في المصباح، وذكر الكرماني أنه لفظ جامع لكل خير ولذا وصف الأنبياء عليهم الصلاة والسلام نبينا صلى الله عليه وسلم ليلة الاسراء فقال كل من لقيه في السماوات مرحبا بالنبي الصالح، ولو كان هناك وصف أجمع منه للخير لوصفوه به ا ه‍. وفي أوقاف الخصاف:
الصالح من كان مستورا ليس بمهتوك ولا صاحب ريبة، وكان مستقيم الطريقة، سليم الناحية، كامن الأذى، قليل السوء، ليس بمعاقر للنبيذ ولا ينادم عليه الرجال، وليس بقذاف للمحصنات ولا معروفا بالكذب، فهذا عندنا من أهل الصلاح ا ه‍. والفهم لغة كما في المصباح العلم، والعنف عدم الرفق، والضعف العجز عن احتمال الشئ. وفي فتح القدير قبيل الحبس: ويستحب أن يكون في القاضي عبسة بلا غضب وأن يلتزم التواضع من غير وهن ولا ضعف. والمراد بعلم السنة ما ثبت عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قولا وفعلا وتقريرا عند أمر يعاينه، والمراد بوجوه الفقه طرقه وقدمنا تعريفه أول الكتاب. وذكر مسكين هنا أن الفقه عند عامة العلماء اسم لعلم خاص في الدين لا لكل علم وهو العلم بالمعاني التي تعلقت بها الأحكام من كتاب وسنة وإجماع ومقتضياتها وإشاراتها.
قوله: (والاجتهاد شرط الأولوية) وهو لغة بذل الطاقة في تحصيل ذي كلفة، واصطلاحا ذلك من الفقه في تحصيل حكم شرعي ظني كما في التحرير. واختلفوا في المجتهد فقيل أن يعلم الكتاب بمعانيه والسنة بطرقها، والمراد بعلمهما علم ما يتعلق به الأحكام منهما من العام والخاص والمشترك والمؤول والنص والظاهر والناسخ والمنسوخ ومعرفة الاجماع والقياس، ولا يشترط حفظه لجميع القرآن ولا لبعضه عن ظهر القلب بل
(٤٤٤)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 439 440 441 442 443 444 445 446 447 448 449 ... » »»
الفهرست