البحر الرائق - ابن نجيم المصري - ج ٦ - الصفحة ٤٥٠
للأصولي الماهر وكذا البحاث في الخلاف من أئمة الفقه وفحول المناظرين أن يفتي في الفروع الشرعية، ولا يجب افتاء فيما لا يقع. ويحرم التساهل في الفتوى واتباع الحيل إن فسدت الأغراض وسؤال من عرف لذلك، ولا يفتي في حال تغير أخلاقه خروجه عن الاعتدال ولو لفرح، ومدافعة أخبثين، فإن أفتى معتقدا أن ذلك لم يمنعه عن درك الصواب صحت فتواه وإن خاطر. والأولى أن يتبرع بالفتوى فإن أخذ رزقا من بيت المال جاز إلا إن تعينت عليه وله كفاية. ولا يأخذ أجرة من مستفت فإن جعل له أهل البلد رزقا جاز وإن استؤجر جاز والأولى كونها بأجرة مثل كتبه مع كراهة. وله قبول هدية لا رشوة على فتوى لما يريد، وعلى الإمام أن يفرض لمدرس ومفت كفايته.
ولكل أهل بلد اصطلاح في اللفظ فلا يجوز أن يفتي أهل بلد بما يتعلق باللفظ من لا يعرف اصطلاحهم، وليس له العمل والفتوى بأحد القولين أو الوجهين من غير تعويل عليه في القولين أن يعمل بالمتأخر إن علمه وإلا فبالذي رجحه الشافعي وإلا لزمه البحث عنه، فإن كان أهلا اشتغل به متعرفا لذلك من القواعد والمأخذ وإلا تلقاه من نقلة المذهب فإن عدم الترجيح توقف وحكم الوجهين كالقولين لكن لا عبرة بالمتأخر إلا إذا وقعا من شخص، فإن اختلفوا في الأرجح ولم يكن أهلا للترجيح اعتمد ما صححه الأكثر والأعلم وإلا توقف.
والعمل بالجديد من قولي الشافعي إلا في نحو ثلاثين مسألة. وإن كان في الرقعة مسائل رتب الأجوبة على ترتيبها، ويكره أن يقتصر على فيه قولان إذ لا يفيد. ولا يطلق حيث التفصيل فهو خطأ، ويجيب على ما في الرقعة لا على ما يعلمه، فإن أراده قال إن أراد كذا فجوابه كذا، ويجيب الأول في الناحية اليسرى وإن شاء غيرها لا قبل البسملة، وليكتب الحمد لله وليختم بقوله والله أعلم. ولا يقبح أن يقول في الجواب عندنا. وإن تعلقت بالسلطان دعا له فقال وعلى السلطان سدده الله أو شد أزره، ويكره أطال الله بقاءه. ويختصر جوابه ويوضح عبارته. وإن سئل عن تكلم بكفر متأول قال: يسئل إن أراد كذا فلا شئ عليه، وإن أراد كذا فيستتاب فإن تاب قبلت توبته وإلا قتل. وإن سئل عمن قتل أو جرح احتاط وذكر شروط القصاص ويبين قدر التعزير، ويكتب على الملصق من الورقة وإن ضاقت كتب في الظهر والحاشية أولى لا ورقة أخرى. ويشافهه بما عليه بل إن اقتضاهما السؤال لم يقتصر على أحدهما، ولا يلقنه على خصمه فإن وجب الافتاء قدم السابق بفتوى ثم أقرع، نعم يجب تقديم نساء ومسافرين تهيؤا أو تضرروا بالتخلف إلا إن ظهر تضرر غيرهم بكثرتهم. وإن سئل عن الاخوة فصل في جوابه أبو الأبوين أو لأب أو لام، وإن كان في الفريضة عول قال الثمن عائلا وإن كان في الورثة من يسقط بحال دون حال بينه. ويكتب تحت الفتوى الصحيحة إن عرف أنها لأهل الجواب صحيح ونحوه. وله أن يجيب إن رأى ذلك ويختصر وإن جهل حاله يبحث عن حاله، فإن لم يظهر له فله أمره بإبدالها، فإن تعسر أجاب بلسانه.
(٤٥٠)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 445 446 447 448 449 450 451 452 453 454 455 ... » »»
الفهرست