ولذلك لو أوصى للمفقود ومات الموصي لا يستحق الوصية لكن قال محمد: لا أقضي بها ولا أبطلها حتى يظهر حال المفقود يعني يوقف نصيب المفقود الموصي له به إلى أن يقضي بموته، فإذا قضي بموته جعل كأنه مات الآن. والحاصل أنه حي في مال نفسه فلا يورث ميت في حق غيره فلا يرث. وهذا إذا لم تعلم حياته إلى أن يحكم بموته، وإن علم حياته في وقت من الأوقات يرث من مات قبل ذلك الوقت من أقاربه كا في الحمل لاحتمال أن يكون حيا فيرث، فإن تبين حياته في وقت مات فيه قريبه وإلا يرد الموقوف لأجله إلى وارث مورثه الذي وقف من ماله.
قوله: (ولو كان مع المفقود وارث يحجب به لم يعط شيئا وإن انتقص حقه به يعطى أقل النصيبين) بيانه: رجل مات عن ابنتين وابن مفقود وابن ابن أو بنت ابن والمال في يد الأجنبي وتصادقوا على فقد الابن وطلبت البنتان الميراث، يعطيان النصف لأنه متيقن به يوقف النصف الآخر ولا يعطى أولاد الابن لأنهم يحجبون بالمفقود لو كان حيا فلا يستحقون الميراث بالشك، ولا ينزع من يد الأجنبي إلا إذا ظهرت منه خيانة بأن كان أنكر أن للميت عنده مالا حتى أقامت البنتان البينة عليه فقضي بها لأن أحد الورثة ينتصب خصما عن الباقين فإن حينئذ يؤخذ الفضل الباقي منه ويوضع على يد عدل لظهور خيانته. ولو لم يتصادقوا على فقد الابن فقال الأجنبي الذي في يده المال مات المفقود قبل أبيه فإنه يجبر على دفعه الثلثين للبنتين لأن إقراره معتبر فيما في يده وقد أقر أن ثلثيه للبنتين فيجبر على دفعه لهما، ولا يمنع إقراره قول أولاد الابن أبونا أو عمنا مفقود لأنهم بهذا القول لا يدعون لأنفسهم شيئا ويوقف الثلث الباقي في يده وتمامه في فتح القدير. وفي البزازية من كتاب الدعوى: مات عن ابنين أحدهما مفقود فزعم ورثة المفقود أنه حي وله الميراث والابن الآخر يزعم موته لا خصومة بينهما لأن ورثة المفقود اعترفوا أنهم لاحق لهم في التركة فكيف يخاصمون عمهم؟ اه. قوله: (كالحمل) أي الحمل نظيره في الميراث عند الشك في نصيب الحمل فإنه يوقف له ميراث ابن واحد على ما عليه الفتوى، فلو كان مع الحمل وارث آخر لا يسقط بحال ولا يتغير بالحمل يعطى كل نصيبه للتيقن به على كل حال، وكذا إذا ترك ابنا وامرأة حاملا تعطى المرأة الثمن، وإن كان ممن يسقط بالحمل لا يعطى شيئا، وإن كان ممن يتغير يعطى الأقل للتيقن به مثاله: ترك امرأة حاملا وجدة تعطى السدس لأنه لا يتغير بها، ولو ترك حاملا وأخا أو عما لا يعطى شيئا لأن الأخ يسقط بالابن وجائز أن يكون الحمل ابنا وكان بين أن يسقط ولا يسقط فكان أصل الاستحقاق مشكوكا فيه فلا يعطى شيئا ولو ترك حاملا وأما وزوجة تأخذ الام السدس والزوجة الثمن لأنه لو كان ميتا أخذت الام الثلث أو حيا أخذت المسدس والزوجة الثمن لأنه لو كان ميتا أخذت الربع والله أعلم.