البحر الرائق - ابن نجيم المصري - ج ٥ - الصفحة ٢٦٨
شاء ذهب به إلى صاحبه، فإن ادعى إنسان أنه عبده وبرهن دفعه إليه واستوثق بكفيل إن شاء لجواز أن يدعيه آخر، وإن لم يبرهن وأقر العبد لمدعيه دفعه إليه أيضا لعدم المنازع ويأخذ كفيلا، فإن طالت المدة باعه القاضي وحفظ ثمنه لصاحبه، فإن جاء صاحبه بعده وبرهن دفع الثمن إليه وليس له نقض البيع لأن بيع القاضي بولاية شرعية، ولو زعم المدعي أنه دبره وكاتبه لم يصدق في نقض البيع اه‍. وسيأتي حكم نفقته آخرا ويستحلف القاضي مدعيه مع البرهان بالله أنه باق إلى الآن في ملكك لم يخرج ببيع ولا هبة كما في فتح القدير. وفي الظهيرية: ينبغي للراد أن يأتي به إلى الإمام عند السرخسي وخيره الحلواني، وإذا جاء به إلى القاضي هل يصدقه القاضي بلا بينة؟ اختلف المشايخ فيه كما اختلفوا في نصب القاضي خصما لمدعيه حتى تقبل بينته ولم يذكره محمد كما اختلفوا في أخذ الكفيل من مدعيه بعد البرهان كما اختلفوا في أخذ الضال، وإذا أبق العبد وذهب بمال المولى فجاء به رجل وقال لم أجد معه شيئا فالقول قوله ولا شئ عليه، ولا يكون وصول يده إلى العبد دليلا على وصول يده إلى المالية اه‍.
قوله: (ومن رده من مدة سفر فله أربعون درهما) جعلا له استحسانا يستحقها على مولاه بلا شرط لأن الصحابة رضي الله عنهم اتفقوا على أصل وجوب الجعل إلا أن منهم من جعله أربعين ومنهم من أوجب دونه فأوجب الأربعين في مسيرة السفر وما دونها فيما دونه توفيقا وتلفيقا، فلو جاء بالآبق رجل فأنكر مولاه إباقه فالقول له، فإن برهن أنه أبق أو أن مولاه أقر بذلك قبلت، كذا في الجوهرة. قيد بالآبق لأنه لا جعل لراد الضال لأنه بالسمع ولا سمع في الضال فامتنع، ولان الحاجة إلى صيانة الضال دونها في الآبق لأنه لا يتوارى والآبق يختفي، وهذا مما فارق فيه الآبق وكذا في حبسه فإن الآبق إذا رفع إلى الإمام يحبسه ولا يحبس الضال لأنه لا يؤمن على الآبق من الإباق ثانيا بخلاف الضال، وكذا لا يأخذه الواجد بل تركه أفضل على أحد القولين لأنه لا يبرح من مكانه فيجده المالك بخلاف الآبق، وكذا لا جعل لراد الصبي الحر. أطلق الراد فشمل ما إذا كانا اثنين فيشتركان في الأربعين إذا رداه لمولاه كما في الحاوي. وشمل ما إذا رده محرمه إليه فهو كالأجنبي لكن يرد عليه ما إذا رده من في عيال سيده إليه فإنه لا جعل له، وكذا يرد عليه ما إذا رده الأبوان أو أحدهما ولم يكن في عياله لا جعل له، وكذا يرد عليه لو رده الابن إلى أبيه وليس في عياله أو أحد
(٢٦٨)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 263 264 265 266 267 268 269 270 271 272 273 ... » »»
الفهرست