البحر الرائق - ابن نجيم المصري - ج ٥ - الصفحة ٢٧٧
قوله: (وحكم بموته بعد تسعين سنة) لأنه الغاية في زماننا والحياة بعدها نادر فلا عبرة للنادر، وقد وقع الاختلاف في هذه واختلف الترجيح فظاهر الرواية وهو المذهب أنه مقدر بموت الاقران في السن لأن من النوادر أن يعيش الانسان بعد موت أقرانه فلا ينبغي الحكم عليه، فإذا بقي منهم واحد لا يحكم بموته. واختلفوا في المراد بموت أقرانه فقيل من جميع البلاد، وقيل من بلده وهو الأصح، كذا في الذخيرة. واختار المؤلف التقدير بالتسعين بتقديم التاء على السين تبعا لابن الفضل وهو الأرفق كما في الهداية، وفي الذخيرة وعليه الفتوى، وعن أبي يوسف تقديره بمائة سنة واختاره أبو بكر بن حامد، وفي رواية الحسن عن الإمام بمائة وعشرين سنة واختاره القدوري، واختار المتأخرون ستين سنة، واختار المحقق ابن الهمام سبعين سنة، واختار شمس الأئمة أن لا يقدر بشئ لأنه أليق بطريق الفقه لأن نصب المقادير بالرأي لا تكون، وفي الهداية أنه الأقيس، وفوضه بعضهم إلى القاضي فأي وقت رأى المصلحة حكم بموته. قال الشارح: وهو المختار. والحاصل أن الاختلاف ما جاء إلا من اختلاف الرأي أي في أن الغالب هذا في الطول أو مطلقا، والعجب من المشايخ كيف يختارون خلاف ظاهر المذهب مع أنه واجب الاتباع على مقلدي أبي حنيفة والإمام محمد لم يعتبر السنين وإنما اعتبره المتقدمون بعده، وقال الصدر الشهيد في شرحه: ما قال محمد أحوط كما في التتارخانية ولقد صدق من قال كثرة المقالات تؤذن بكثرة الجهالات ومن الغريب ما نقله في التتارخانية أنه مقدر بثمانين سنة وعليه الفتوى. قوله: (وتعتد امرأته وورث منه حينئذ لا قبله) أي حين حكم بموته بمضي هذه المدة والظرف قيد للحكمين كأنه مات من ذلك الوقت معاينة إذ الحكمي معتبر بالحقيقي وكذا يحكم بعتق مدبريه وأمهات أولاده في ذلك الوقت كما في الحاوي. قوله: (ولا يرث من أحد مات) أي قبل الحكم بموته لأن بقاءه حيا في ذلك الوقت باستصحاب الحال وهو لا يصلح حجة للاستحقاق،
(٢٧٧)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 272 273 274 275 276 277 278 279 280 281 282 ... » »»
الفهرست