البحر الرائق - ابن نجيم المصري - ج ٥ - الصفحة ٢٤٣
يوجب ذلك، كذا في فتح القدير. وقيدنا بالجبر لأنه لو دفعه إلى غيره باختياره جاز وليس له أن يأخذه من الثاني لأنه أبطل حق نفسه عن اختيار، وأفاد بأنه لا يأخذه أحد أنه لو انتزعه أحد فاختصم الأول والثاني إلى القاضي فإن القاضي يدفعه إلى الأول، كذا في الخانية.
وينبغي أن ينتزع منه إذا لم يكن أهلا لحفظه كما قالوا في الحاضنة وكما أفاده في فتح القدير بقوله إلا بسبب يوجب ذلك. وفي الخانية: وللملتقط أن ينقله إلى حيث شاء اه‍. وفي فتح القدير: ولو وجده مسلم وكافر فتنازعا في كونه عند أحدهما قضي به للمسلم لأنه محكوم له بالاسلام فكان المسلم أولى بحفظه ولأنه يعلمه أحكام الاسلام بخلاف الكافر اه‍. وهو يفيد أن الملتقط إذا كان متعددا فإن أمكن الترجيح اختص به الراجح ولم أر حكم ما إذا استويا، وينبغي أن يكون الرأي فيه إلى القاضي وفي روض الشافعية يشترط في الملتقط تكليف وحرية ورشد وإسلام وعدالة فلا يصح من عبد إلا بإذن سيده أو تقريره ويكون السيد الملتقط وإلا انتزع من العبد، ولا من مكاتب إلا بإذن سيده وينزع من سفيه وفاسق وكافر، وكذا ما لم يختبر وظاهره الأمانة فإن تنازع فيه ملتقطان قبل أخذه اختار الحاكم ولو غيرهما أو بعد الاخذ وهما أهل للالتقاط فالسابق بالأخذ، فإن استويا قدم الغني وظاهر العدالة على فقير ومستور.
ثم يقرع، ولا يقدم مسلم على ذمي في كافر، والرجل والمرأة سواء فيقرع اه‍. ولم أر مثل هذا البيان لأصحابنا. قوله: (ويثبت نسبه من واحد) استحسانا لاحتياجه إليه. أطلقه فشمل الملتقط وغيره والقياس أن لا يقبل دعوى غيره لأنه يتضمن إبطال حق الملتقط. وجه الاستحسان أنه إقرار للصبي بما ينفعه لأنه يتشرف بالنسب ويعير بعدمه، ولو ادعاه الملتقط قيل يصح قياسا واستحسانا والأصح أنه على القياس والاستحسان لكن وجه القياس هنا غير وجه القياس في دعوى غير الملتقط، فوجهه في دعوى غير الملتقط تضمن إبطال حق الملتقط، ووجهه في دعوى الملتقط تناقض كلامه وتمامه في النهاية. وأفاد بثبوت النسب بدعوى غير الملتقط أن يكون أحق بحفظه من الملتقط ضرورة ثبوت النسب وكم من شئ يثبت ضمنا ولا يثبت قصدا وهو الأصح. وأطلقه عن البينة فشمل ما إذا لم يبرهن استحسانا لما فيه من النظر
(٢٤٣)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 238 239 240 241 242 243 244 245 246 247 248 ... » »»
الفهرست