العدل نفذه وإلا فلا، وإن كان قاضيهم عادلا نفذنا قضاءه لصحة توليته، والظاهر قضاؤه على رأي أهل العدل. ومنها أن أمان الباغي لأهل الحرب صحيح لاسلامه فإن غدر بهم البغاة فسبوا لا يحل لاحد من أهل العدل أن يشتري منهم. ومنها أنه لا يجوز لنا الاستعانة بأهل الشرك على أهل البغي إذا كان حكم أهل الشرك هو الظاهر، ولا بأس أن يستعين أهل العدل بالبغاة والذميين على الخوارج إذا كان حكم أهل العدل هو الظاهر، كذا في فتح القدير. قوله: (وكره بيع السلاح من أهل الفتنة لأنه إعانة على المعصية) قيد بالسلاح لأن بيع ما يتخذ منه السلاح كالحديد ونحوه لا يكره لأنه لا يصير سلاحا إلا بالصنعة، نظيره بيع المزامير يكره ولا يكره بيع ما يتخذ منه المزامير وهو القصب والخشب، وكذا بيع الخمر باطل ولا يبطل بيع ما يتخذ منه وهو العنب، كذا في البدائع. وذكر الشارح أن بيع الحديد لا يجوز من أهل الحرب ويجوز من أهل البغي، والفرق أن أهل البغي لا يتفرغون لعمله سلاحا لأن فسادهم على شرف الزوال بخلاف أهل الحرب اه. وقد استفيد من كلامهم هنا أن ما قامت المعصية بعينه يكره بيعه وما لا فلا ولذا قال الشارح: إنه لا يكره بيع الجارية المغنية والكبش النطوح والديك المقاتل والحمامة الطيارة اه. وذكر الشارح من الخطر والإباحة أنه لا يكره بيع جارية لمن لا يستبريها أو يأتيها من دبرها أو بيع غلام من لوطي اه. وفي الخانية من البيوع: ويكره بيع الأمرد من فاسق يعلم أنه يعصي به لأنه إعانة على المعصية اه. وسيأتي إن شاء الله تعالى في الحظر والإباحة تمامه. أطلق في أهل الفتنة فشمل البغاة وقطاع الطريق واللصوص. قوله: (وإن لم يدر أنه منهم لا) أي لا يكره البيع لأن الغلبة في الأمصار لأهل الصلاح وظاهر كلامهم في الأول أن الكراهة تحريمية لتعليلهم بالإعانة عى المعصية والله أعلم بالصواب.
(٢٤٠)