البحر الرائق - ابن نجيم المصري - ج ٥ - الصفحة ٢٥٤
لأنا نقول: قد بينا أنهما مسألتان: الأولى فيما إذا ضاعت وفرقوا بينها وبين الوديعة. الثانية فيما إذا أخذها رجل منه وفرقوا بينها وبين اللقيط، وأما اللقطة فلا فرق عندنا بين لقطة ولقطة كما أفاده بقوله وصح التقاطه البهيمة ولا فرق بين مكان ومكان كما أفاده بقوله (لقطة الحل والحرم أمانة (1) إن أخذها ليردها على ربها وأشهد) لاطلاق قوله عليه السلام اعرف عفاصها ووكاءها ثم عرفها سنة وأما قوله عليه السلام في الحرم ولا تحل لقطته إلا لمنشدها فتأويله أنه لا يحل الالتقاط إلا للتعريف، والتخصيص بالحرم لبيان أنه لا يسقط التعريف فيه لمكان أنه للغرباء ظاهرا. وأما كونها أمانة فلان الاخذ على هذا الوجه مأذون فيه شرعا بل هو الأفضل عند العامة. قيد بأخذها ليردها لأنه لو أقر أنه أخذها لنفسه يضمن بالاجماع لأنه أخذ مال الغير بغير إذنه وبغير إذن الشرع. ولو تصادقا على أنه أخذها للمالك فلا ضمان إجماعا لأن تصادقهما حجة في حقهما كالبينة. وبه علم أن الاشهاد إنما هو شرط عند الاختلاف بأن قال الملتقط أخذته للمالك وكذبه المالك فإنه ضامن عندهما. وقال أبو يوسف: لا يضمن والقول قوله لأن الظاهر شاهد له لاختياره الحسبة دون المعصية. ولهما أنه أقر بسبب الضمان وهو أخذ مال الغير وادعى ما يبرئه وهو الاخذ لمالكه وفيه وقع الشك فلا يبرأ. وما ذكر من الظاهر معارض بمثله لأن الظاهر أن يكون المتصرف عاملا لنفسه. ورجح في الحاوي القدسي قول أبي يوسف قال وبه نأخذ اه‍. ويكفيه في الاشهاد أن يقول من سمعتموه ينشد لقطة فدلوه علي واحدة كانت اللقطة أو أكثر لأنهم اسم جنس، كذا في الهداية. وفي الينابيع ذكر في بعض الكتب قول محمد مع أبي حنيفة والأصح أنه مع أبي يوسف اه‍. ويكفيه في الاشهاد أيضا أن يقول عندي لقطة كما في شرح الطحاوي ولا يشترط التصريح بكونه لقطة لأنه لو قال عندي شئ فمن سمعتموه يسأل فدلوه على كفاه كما في الولوالجية. ومحل اشتراط الاشهاد عند الامكان فلو لم يجد من يشهده عند الرفع أو خاف أنه لو أشهد عند الرفع يأخذه منه الظالم فترك الاشهاد لا يضمن، كذا في الخانية. وفي فتح القدير، والقول قوله مع يمينه كوني منعني من الاشهاد، كذا في الخانية. فإن وجد من يشهده فجاوزه ضمن. وفي القنية: وجد الصبي لقطة ولم يشهد يضمن كالبالغ اه‍. وهذا يدل على ما قدمناه من صحة التقاطه. وفي الولوالجية محل الاختلاف فيما إذا اتفقا على كونها لقطة لكن اختلفا هل التقطها للمالك أو لا، أما إذا اختلفا في كونها لقطة فقال صاحب المال أخذتها غصبا وقال الملتقط لقطة وقد أخذتها لك فالملتقط ضامن بالاجماع اه‍. ولم يذكر المصنف حكم ما إذا ردها إلى مكانها. وفي الولوالجية وغيرها: وإذا أخذ الرجل ليعرفها ثم
(٢٥٤)
مفاتيح البحث: الشهادة (3)، الحج (1)، الظلم (1)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 249 250 251 252 253 254 255 256 257 258 259 ... » »»
الفهرست