البحر الرائق - ابن نجيم المصري - ج ٥ - الصفحة ١٩١
صالحهم على شرط تمكين الاحداث لا نمنعهم والأولى أن لا يصالحهم عليه، وإن وقع الصلح مطلقا لا يجوز الاحداث ولا يتعض للقديمة اه‍. والحاصل أنهم يمنعون من الاحداث مطلقا إلا إذا وقع الصلح على الاحداث أو على أن الأرض لهم على هذا القول ولا استثناء في ظاهر الرواية. وأشار إلى أنهم يمنعون من إحداث بيت النار بالأولى. والصومعة كالكنيسة لأنها تبتني للتخلي للعبادة بخلاف موضع الصلاة في البيت لأنه تبع للسكنى. والصومعة بيت مبني برأس طويل لتعبد فيها بالانقطاع عن الناس قوله: (ويعاد المنهدم) مفيد لشيئين: الأول عدم التعرض للقديمة لأنه قد جرى التوارث من لدن رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى يومنا هذا بترك البيع والكنائس في دارنا. والمراد بالقديمة ما كانت قبل فتح الإمام بلدهم ومصالحتهم على إقرارهم على بلدهم وأراضيهم، ولا يشترط أن تكون في زمن الصحابة والتابعين رضي الله عنهم لا محالة، كذا في البناية. وفي المحيط: لو ضربوا الناقوس في جوف كنائسهم لا يمنعون. الثاني جواز بناء ما انهدم من القديمة لأن الأبنية لا تبقى دائما، ولما أقرهم الإمام فقد عهد إليهم الإعادة. وأشار إلى أنه لا تجوز الزيادة على البناء الأول كما في الخانية، وإلى أنهم لا يمكنون من نقلها لأنه إحداث في الحقيقة. وفي فتح القدير: واعلم أن البيع والكنائس القديمة في السواد لا تهدم على الروايات كلها، وأما في الأمصار فاختلف كلام محمد فذكر في العشر والخراج تهدم القديمة، وذكر في الإجارة أنها لا تهدم وعمل الناس على هذا فإنا رأينا كثيرا منها تولت عليها أئمة وأزمان وهي باقية لم يأمر إمام بهدمها فكان متوارثا من عهد الصحابة رضي الله عنهم. وعلى هذا لو مصرنا برية فيها دير أو كنيسة فوقع داخل السور ينبغي أن لا يهدم لأنه كان مستحقا للأمان قبل وضع السور فيحمل ما في جوف القاهرة من الكنائس على ذلك فإنها كانت فضاء فأدار العبيديون عليها السور ثم فيها الآن كنائس ويبعد من إمام تمكين الكفار من إحداثها جهارا في جوف المدن الاسلامية، فالظاهر أنها كانت في الضواحي فأدير السور فأحاط بها. وعلى هذا أيضا فالكنائس الموجودة الآن في دار الاسلام غير جزيرة العرب
(١٩١)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 186 187 188 189 190 191 192 193 194 195 196 ... » »»
الفهرست