لو بقي كان مباحا في نفسه فينتفي القطع للشبهة فيصير محرما حقا للشرع كالميتة ولا ضمان فيه. أطلقه فشمل ما إذا هلكت العين أو استهلكها وهو ظاهر الرواية، وسواء كان الاستهلاك قبل القطع أو بعده كما في المجتبى، وفرق في رواية الحسن بين الهلاك والاستهلاك لأن العصمة لا يظهر سقوطها في حق الاستهلاك لأنه فعل آخر غير السرقة ولا ضرورة في حقه، وكذا الشبهة تعتبر فيما هو السبب دون غيره. ووجه المشهور أن الاستهلاك إتمام المقصود فتعتبر الشبهة فيه، وكذا يظهر سقوط العصمة في حق الضمان لأنه من ضرورة سقوطها في حق الهلاك لانتفاء المماثلة. وفي التبيين عن محمد: إن السارق يفتي بأداء القيمة وإن لم يقض به كقطع الطريق والباغي يفتيان بأداء الضمان والأموال والدية في النفوس. وفي الكافي: هذا إذا كان بعد القطع وإن كان قبله، فإن قال المالك أنا أضمنه لم يقطع عندنا، وإن قال أنا أختار القطع يقطع ولا يضمن اه. لأنه في الأولى تضمن رجوعه عن دعوى السرقة إلى دعوى المال. وأطلق في قيام العين فشمل ما إذا كان السارق لم يتصرف فيها أو باعها أو وهبها فإنها تؤخذ من المشتري والموهوب له بلا خلاف لبقائها على ملك مالكها. وفي الايضاح قال أبو حنيفة: لا يحل للسارق الانتفاع به بوجه من الوجوه لأنه على ملك المسروق منه، وكذا لو خاطه قميصا لا يحل له الانتفاع به. وفي المجتبى: لو قطع السارق ثم استهلك السرقة غيره لم يضمن لاحد، وكذا لو هلك في يد المشتري منه أو الموهوب له ولو استهلكه فللمالك تضمينه اه.
قوله: (ولو قطع لبعض السرقات لا يضمن شيئا) يعني عند الإمام. وقالا: يضمن كلها إلا التي قطع فيها لأن الحاضر ليس بنائب عن الغائب ولا بد من الخصومة لتظهر السرقة فلم تظهر السرقة من الغائبين فلم يقع القطع لهم فبقيت أموالهم معصومة. وله أن الواجب بالكل قطع واحد حقا لله تعالى لأن مبنى الحدود على التداخل والخصومة شرط للظهور عند القاضي، أما الوجوب بالجناية وإذا استوفى فالمستوفي كل الواجب ألا ترى أنه يرجع نفعه إلى