البحر الرائق - ابن نجيم المصري - ج ٥ - الصفحة ١١٢
عندهما خلافا له. ثم وجوب القطع لا يشكل على قوله لأنه لم يملكه، وقيل على قولهما لا يجب لأنه ملكه قبل القطع، وقيل يجب لأنه صار بالصنعة شيئا آخر فلم يملك عينه. وأشار إلى أنه لو صنع المسروق من النقد آنية كان كذلك بالأولى. وقيد بالنقد لأنه في الحديد والرصاص والصفر إن جعله أواني، فإن كان يباع عددا فهو للسارق بالاجماع وإن كان يباع وزنا فهو على الاختلاف بينهم في الذهب والفضة، كذا في شرح المختار. وذكر الأسبيجابي أنه لو سرق حنطة فطحنها تكون للسارق بعد القطع. قوله: (ولو صبغه أحمر فقطع لا يرد ولا يضمن) بيان لثلاثة أحكام: الأول وجوب القطع لأن قطع السارق باعتبار سرقة الثوب الأبيض وهو لم يملكه أبيض بوجه ما والمملوك للسارق إنما هو المصبوغ فصار كما إذا سرق حنطة فطحنها فإنه يقطع بالحنطة وإن ملك الدقيق الثاني عدم رده إلى المسروق منه وهو قولهما. وقال محمد: يؤخذ منه الثوب ويعطي ما زاد الصبغ فيه اعتبارا للغصب، والجامع كون الثوب أصلا قائما وكون الصبغ تابعا. ولهما أن الصبغ قائم صورة ومعنى حتى لو أراد أخذه مصبوغا يضمن ما زاد الصبغ فيه، وحق المالك في الثوب قائم صورة لا معنى ألا ترى أنه غير مضمون على السارق بالهلاك وهو الحكم الثالث الذي أفاده بقوله ولا يضمن أي لا يرده حال قيامه ولا يضمنه حال استهلاكه بخلاف الغصب لأن حق كل واحد قائم صورة ومعنى فاستويا من هذا الوجه، ورجحنا جانب المالك لما ذكرنا. قيد بكونه صبغه قبل القطع بدليل فاء التعقيب لأنه لو صبغه بعد القطع يرده لأن الشركة بعد القطع لا تسقط القطع، كذا في شرح المختار. وذكر في الهداية الصبغ بعد القطع فإنه قال: وإن سرق ثوبا فقطع فصبغه أحمر لم يؤخذ منه الثوب ولا يضمن اه‍. وهو مفيد لأنه لو صبغه قبل القطع فالحكم كذلك بالأولى وكلام محمد دليل عليه أيضا فإنه قال: سرق الثوب فقطع يده وقد صبغ الثوب أحمر لم يؤخذ منه الثوب قوله: (ولو اسود برد) أي لو صبغة السارق أسود يرده على المالك يعني عند أبي حنيفة ومحمد، وعند أبي يوسف هذا والأول سواء لأن السواد عنده زيادة كالحمرة وعند محمد زيادة أيضا كالحمرة لكنه لا يقطع حق المالك لما مر، وعند أبي حنيفة السواد نقصان فلا يوجب انقطاع حق المالك. قالوا: وهذا اختلاف عصر وزمان لا حجة وبرهان فإن الناس
(١١٢)
مفاتيح البحث: الحج (1)، السرقة (6)، الوجوب (2)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 107 108 109 110 111 112 113 114 115 116 117 ... » »»
الفهرست