ولا أدري لمن هي أو قال سرقتها ولا أخبرك من صاحبها لا يقطع لأن جهالة المسروقة منه فوق غيبته ثم الغيبة لما منعت القطع على أصله فالجهالة أولى اه. ولم يعين يعني المصنف مطلوب المسروق منه فاحتمل شيئين: أحدهما طلب المال وبه جزم الشارح. ثانيهما طلب القطع. وأشار الشمني إلى أنه لا بد من الطلبين وأن أحدهما لا يكفي لكن ذكر في الكشف الكبير قبيل بحث الامر أن وجوب القطع حق الله تعالى على الخلوص ولهذا لم يتقيد بالمثل، وما يجب حقا للعبد يتقيد به مالا كان أو عقوبة كالغصب والقصاص، ولهذا لا يملك المسروق منه الخصومة بدعوى الحد وإثباته، ولا يملك العفو بعد الوجوب ولا يورث عنه اه. فقد صرح بأنه لا يملك طلب القطع إلا أن يقال إنه لا يملك طلب القطع مجردا عن طلب المال. والظاهر أن الشرط إنما هو طلب المال ويشترط حضرته عند القطع لا طلبه القطع إذ هو حق الله تعالى فلا يتوقف على طلب العبد قوله: (ولو مودعا أو غاصبا أو صاحب الربا) أي ولو كان المسروق منه والأصل فيه أن كل من كان له يد صحيحة يملك الخصومة ومن لا فلا، فللمالك أن يخاصم السارق إذا سرق منه، وكذا المودع - بفتح الدال - والمستعير والمضارب والمبضع والغاصب والقابض على سوم الشراء والمرتهن ومتولي المسجد والأب والوصي، فتعتبر خصومتهم في ثبوت ولاية الاسترداد وفي حق القطع. وأراد بصاحب الربا أن يبيع عشرة بعشرين وقبض العشرين فسرق منه العشرون فيقطع السارق بخصومته عندنا لأن هذا المال في يده بمنزلة المغصوب إذ الشراء فاسد بمنزلته وأما العاقد الآخر من عاقدي الربا فإنه بالتسليم لم يبق له ملك ولا يد فلا يكون له ولاية الخصومة، ذكره الشمني. وفي فتاوي قاضيخان من اللقطة: رجل التقط لقطة فضاعت منه فوجدها في يد غيره فلا خصومة بينه وبين ذلك الرجل بخلاف الوديعة فإن في الوديعة يكون للمودع أن يأخذها من الثاني لأن في اللقطة الثاني كالأول في ولاية أخذ اللقطة وليس الثاني كالأول في ولاية إثبات اليد على الوديعة اه. فينبغي أن لا يقطع بطلب الملتقط كما لا يخفى قوله:
(ويقطع بطلب المالك لو سرق منهم) أي من هؤلاء الثلاثة لأن الخصومة إنما شرطت ليعلم