البحر الرائق - ابن نجيم المصري - ج ٥ - الصفحة ١٠٨
مقصودها فتبقى تقديرا، كذا في الهداية وهو شامل لما إذا رده بعد القضاء بالقطع وما إذا رده بعد ما شهد الشهود ولم يقض القاضي استحسانا لأن السرقة قد ظهرت عند القاضي بما هو حجة بناء على خصومة معتبرة، كذ في التبيين. فالمراد بالخصومة الدعوى والشهادة أو الاقرار، فلو ادعى ولم يثبت ثم رده ينبغي أن لا قطع لعدم ظهورها عند القاضي فهي رباعية لأن الرد إما أن يكون بعد الترافع إلى القاضي قبل الدعوى أو بعدها قبل الثبوت أو بعدهما قبل القضاء أو بعد الثلاثة، فلا قطع في الأوليين ويقطع في الآخرين. وأطلق في الرد فشمل الرد حقيقة والرد حكما كما إذا رده إلى أصوله وإن علا كوالده وجده ووالدته وجدته، سواء كانوا في عيال المالك أو لا، لأن لهؤلاء شبهة الملك فيثبت به شبهة الرد بخلاف ما إذا رده إلى عيال أصوله فإنه يقطع لأنه شبهة الشبهة وهي غير معتبرة. ومن الرد الحكمي إليه الرد إلى فرعه وكل ذي رحم محرم منه بشرط أن يكون في عياله وإلا فليس برد ومنه الرد إلى مكاتبه وعبده، ومنه الرد إلى مولاه لو كان مكاتبا لأن ماله له رقبة ومنه إذا سرق من العيال ورد إلى من يعولهم لأن يده عليهم فوق أيديهم في ماله. الثانية لو ملكه بعد القضاء بالقطع فلان الامضاء من القضاء في هذا الباب لوقوع الاستغناء عنه بالاستيفاء إذ القضاء للاظهار والقطع حق الله تعالى وهو ظاهر عنده، وإذا كان كذلك يشترط قيام الخصومة عند الاستيفاء وصار كما إذا ملكها منه قبل القضاء. أطلقه فشمل البيع والهبة لكن يشترط القبض فيها ليحصل الملك كما في الهداية. الثالثة لو ادعى السارق أن المسروق ملكه بعد ما ثبتت السرقة عليه بالبينة أو بالاقرار فلا قطع، سواء أقام بينة أو لم يقم، لأن الشبهة دارئة للحد فتتحقق بمجرد الدعوى بدليل صحة الرجوع بعد الاقرار. الرابعة إذا سرق شيئا قيمته نصاب ثم نقصت قيمته بعد القضاء لم يقطع لأن كمال النصاب لما كان شرطا يشترط قيامه عند الامضاء لما ذكرنا. أطلقه فشمل ما إذا تغير السعر في بلد أو بلدين حتى إذا سرق ما قيمته نصاب في بلد وأخذ في بلد آخر القيمة فيه أنقص لم يقطع كما في شرح الطحاوي. وقيد بنقصان القيمة لأن العين لو نقصت فإنه يقطع لأنه مضمون عليه فكمل النصاب عينا ودينا كما إذا استهلكه كله، أما نقصان السعر فغير مضمون فافترقا.
قوله: (ولو أقرا بسرقة ثم قال أحدهما هو مالي لم يقطعا) أي السارقان المقران لأن الرجوع عامل في حق الراجع ومورث للشبهة في حق الآخر لأن السرقة قد ثبتت بإقرارهما على الشركة. أطلقه فشمل ما إذا كان قبل القضاء أو بعده، وقيد بإقرارهما لأنه لو أقر أنه سرق هو وفلان كذا فأنكر فلان فإنه يقطع المقر لعدم الشركة بتكذيبه بقوله قتلت أنا وفلان
(١٠٨)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 103 104 105 106 107 108 109 110 111 112 113 ... » »»
الفهرست