البحر الرائق - ابن نجيم المصري - ج ٤ - الصفحة ٦١٣
قول أبي حنيفة ومحمد كما لو قبض الجياد اه‍. وفي الظهيرية معزيا إلى النوازل: إذا قال المديون لرب المال والله لأقضين مالك اليوم فأعطاه ولم يقبل قال: إن وضعه بحيث تناله يده أراد لا يحنث، والمغصوب منه إذا حلف أن لا يقبض المغصوب فجاء به الغاصب وقال سلمته إليك فقال المغصوب منه لا أقبل لا يحنث ويبرأ الغاصب من ضمان الرد اه‍. وفيها:
رجل حلف ليجهدن في قضاء ما عليه لفلان فإنه يبيع ما كان القاضي يبيعه عليه إذا رفع الامر إلى القاضي.
قوله: (والبيع به قضاء لا الهبة) أي لو حلف ليقضين دينه اليوم فباع متاعا لصاحب الدين بالدين فقد قضاه دينه وبر، ولو وهب الدائن الدين من المديون فليس بقضاء لأن قضاء الدين طريقه المقاصة وقد تحققت بمجرد البيع ولا مقاصة في الهبة لأن القضاء فعله والهبة إسقاط من صاحب الدين. أطلقه فشمل ما قبل قبض البيع واشتراط قبض المبيع في الجامع الصغير وقع اتفاقا ليتقرر الثمن في الذمة لا أنه شرط للبر حتى لو هلك المبيع لا يرتفع البر المحقق ببطلان الثمن، وشمل البيع الفاسد لكن يشترط قبض المبيع فيه لوقوع المقاصة لأنه لا ملك قبله فيه لتحصل المقاصة. ولو كان الحالف هو الطالب بأن قال والله لأقبضن ديني اليوم فالحكم كذلك وشمل ما إذا كان المبيع مملوكا للحالف أو لغيره وكذا قال في الظهيرية أن ثمن المستحق مملوك ملكا فاسدا فملك المديون ما في ذمته. وأشار المصنف بالبيع إلى كل موضع حصلت فيه المقاصة بينهما فلذا قالوا: لو تزوج الطالب أمة المطلوب على ذلك المال فدخل عليها أو وجب عليه للمطلوب دين بالجناية والاستهلاك لا يحنث، وأفاد المصنف بقوله لا الهبة أنه ليس بقضاء ولم يتعرض للحنث لأنه لا يحنث في اليمين الموقتة لأن البر غير ممكن مع هبة الدين وإمكان البر شرط البقاء كما هو شرط الابتداء كما قدمناه في مسألة الكوز.
وعلى هذا لو حلف ليقضين دينه غدا فقضاه اليوم أو حلف ليقتلن فلانا غدا فمات اليوم أو حلف ليأكلن هذا الرغيف غدا فأكله اليوم فإنه لا يحنث وتقدم نظائرها. وهنا فروع حسنة مذكورة في الظهيرية: لو قال لغريمه والله لا أفارقك حتى استوفي منك حقي ثم إنه اشترى من مديونه عبدا بذلك الدين قبل أن يفارقه ثم فارقه قال محمد رحمه الله على قول من لم يجعله حانثا إذا وهب الدين له قبل أن يفارقه وقبل المديون ثم فارقه لا يحنث وهو قول أبي حنيفة، فههنا ينبغي أن لا يحنث. وعلى قول من يجعله حانثا في الهبة وهو قول أبي يوسف يكون حانثا ها هنا، وإن لم يفارقه حتى مات العبد عند البائع ثم فارقه حنث. ولو باعه المديون عبد
(٦١٣)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 608 609 610 611 612 613 614 615 616 617 618 ... » »»
الفهرست