البحر الرائق - ابن نجيم المصري - ج ٤ - الصفحة ٦٠٩
التمليك عند الاطلاق، ومنه الكسوة في الكفارة وهو من الميت لا يتحقق إلا أن ينوي به الستر. وكذلك الكلام والدخول لأن المقصود من الكلام الافهام والموت ينافيه. والمراد من الدخول عليه زيارته وبعد الموت يزار قبره لا هو بخلاف ما لو قال إن غسلته فأنت حر فغسله بعد ما مات يحنث في يمينه لأن الغسل هو الإسالة ومعناه التطهير ويتحقق ذلك في الميت. وكذا الحمل يتحقق بعد الموت قال عليه السلام من حمل ميتا فليتوضأ والمس للتعظيم أو للشفقة فيتحقق بعد الموت. قال في شرح الطحاوي: الأصل أن كل فعل يلذ ويؤلم ويغم ويسر يقع على الحياة دون الممات كالضرب والشتم والجماع والكسوة والدخول عليه ا ه‍.
ومثله التقبيل إذا حلف لا يقبلها فقبلها بعد الموت لا يحنث، وتقبيله عليه الصلاة والسلام عثمان بن مظعون بعد ما أدرج في الكفن محمول على ضرب من الشفقة والتعظيم. وقيد بالكسوة لأنه لو حلف لا يلبسه ثوبا لا يتقيد بالحياة قوله: (لا يضرب امرأته فمد شعرها أو خنقها أو عضها حنث) لأنه اسم لفعل مؤلم وقد تحقق الايلام. أطلقه فشمل حالة المزاح والغضب. وقيل إنه إن كان في حالة المزاح لا يحنث وإلا حنث. وكذلك إذا أصاب رأسه أنفها في الملاعبة فأدماها لا يحنث لأنه لا يعد ضربا في الملاعبة، كذا في جامع قاضيخان.
ولا يشترط القصد في الضرب لما في عدة الفتاوى: حلف لا يضرب امرأته فضرب أمته وأصاب رأس امرأته يحنث ا ه‍. وفي الذخيرة: حلف ليضربن عبده مائة سوط فجمع مائة سوط وضربه مرة لا يحنث قالوا: هذا إذا ضربه ضربا يتألم به، أما إذا ضربه ضربا بحيث لا يتألم به لا يبر لأنه صورة لا معنى والعبرة للمعنى. ولو ضربه بسوط واحد له شعبتان خمسين مرة كل مرة تقع الشعبتان على بدنه بر في يمينه لأنه صارتا مائة سوط لما وقعت الشعبتان على بدنه في كل مرة، وإن جمع الأسواط جميعا وضربه بها ضربة إن ضرب بعرض الأسواط لا يبر لأن كل الأسواط لم تقع على بدنه وإنما يقع البعض، وإن ضربه برأس الأسواط ينظر، إن كان قد سوى رؤوس الأسواط قبل الضرب حتى إذا ضربه ضربا أصابه رأس كل سوط بر في يمينه، وأما إذا اندس من الأسواط شئ لا يقع به البر عليه عامة المشايخ وعليه الفتوى.
وقال محمد في الأصل: إذا حلف لا يضرب عبده فوجأه أو قرصه أو مد شعره أو زاد في الجامع الصغير أو عضه حنث. ولو قال إن ضربتك فأنت طالق فضرب أمته فأصابها ذكر في مجموع النوازل أنه يحنث لأن عدم القصد لا يعدم الفعل وبه كان يفتي الشيخ ظهر الدين المرغيناني. وقيل: إنه لا يحنث لأنه لا يتعارف والزوج لا يقصده بيمينه. وهكذا ذكر البقالي في فتاواه وهو الأظهر والأشبه ا ه‍. وفي الظهيرية: ولو حلف أن لا يضرب فلانا فرماه
(٦٠٩)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 604 605 606 607 608 609 610 611 612 613 614 ... » »»
الفهرست