البحر الرائق - ابن نجيم المصري - ج ٤ - الصفحة ٦١٥
وبذلك، أما إذا استهلكه فلم يوجد القبض حقيقة فلا يصير قابضا دينه كرجلين لهما على رجل دين مشترك فقبض أحدهما من المديون ثوبا واستهلكه كان لشريكه أن يرجع عليه بحصته من الدين. وإن أحرقه من غير غصب لا يرجع شريكه عليه بشئ. رجل له على رجل ثمن مبيع فقال إن أخذت ثمن ذلك الشئ فامرأته طالق فأخذ مكان ذلك حنطة وقع الطلاق لأنه أخذ عوض الثمن وأخذ العوض ينزل منزلة أخذ المعوض، ولهذا لو كان له شريك في ذلك كان لشريكه أن يرجع عليه بحصته. ولو حلف لا يفارق غريمة حتى يستوفي ماله عليه فقعد وهو بحيث يراه ويحفظه فهو غير مفارق له، وكذلك لو حال بينهما ستر أو أسطوانة من أساطين المسجد، وكذلك لو قعد أحدهما داخل المسجد والآخر خارج المسجد والباب بينهما مفتوح بحيث يراه، وإن توارى عنه بحائط المسجد والآخر خارج المسجد فقد فارقه، وكذلك لو كان بينهما باب مغلق إلا أن يكون المفتاح بيد الحالف بأن أدخله بيتا وغلق عليه بابه وقعد على الباب فهذا لم يفارقه. وإن كان المحبوس هو الحالف والمخلى عنه هو المحلوف عليه وهو الذي أغلق عليه الباب وأخذ المفتاح حنث الحالف. وفي الحيل: إذا نام الطالب أو غفل عن المطلوب أو شغله إنسان بالكلام حتى هرب المطلوب لا يحنث في يمينه، وكذلك لو منعه إنسان عن الملازمة حتى هرب المطلوب لا يحنث في يمينه. وفي مجموع النوازل: رجل حلف بطلاق امرأته أنه يعطيها كل يوم درهما فربما يدفع إليها عند الغروب وربما يدفع إليها عند العشاء قال، إذا لم يخل كل يوم وليلة عن دفع درهم بر في يمينه. وسئل الأوزجندي عمن قال لصاحب الدين إن لم أقض حقك يوم العيد فكذا فجاء يوم العيد إلا أن قاضي هذه البلدة لم يجعله عيدا ولم يصل فيه صلاة العيد لدليل لاح عنده وقاضي بلدة أخرى جعله عيدا قال:
إذا حكم قاضي بلدة بكونه عيدا يلزم ذلك أهل بلدة أخرى إذا لم تختلف المطالع كما في الحكم بالرمضانية. وسئل أبو نصر الدبوسي عمن حلف غريمه أن يأتي منزله غدا ويريه وجهه فأتاه فلم يجده وقد غاب لا يحنث في يمينه. اه‍ ما في الظهيرية قوله: (لا يقبض دينه درهما دون درهم فقبض بعضه لا يحنث حتى يقبض كله متفرقا لا بتفريق ضروري) لأن الشرط قبض الكل لكنه بوصف التفريق ألا ترى أنه أضاف القبض إلى دين معرف مضافا إليه فينصرف إلى كله فلا يحنث إلا به ولا يحنث بالتفريق الضروري وهو أن يقبض دينه في وزنتين ولم يتشاغل بينهما إلا بعمل الوزن لأنه قد يتعذر قبض الكل دفعة واحدة عادة فيصير هذا القبض مستثنى عنه. وأشار المصنف إلى أن اليمين لو كانت موقتة باليوم بأن حلف لا يقبض دينه درهما دون درهم اليوم فقبض البعض في اليوم متفرقا أو لم يقبض شيئا لم يحنث لأن
(٦١٥)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 610 611 612 613 614 615 616 617 618 619 620 ... » »»
الفهرست