البحر الرائق - ابن نجيم المصري - ج ٤ - الصفحة ٦١٨
جهة المعنى كما في هذه المسألة لأنها مطلقة من حيث اللفظ لكن لما كان مقصود المستحلف دفع شره أو شر غيره بزجره فلا يفيد فائدته بعد زوال سلطنته والزوال بالموت، وكذا بالعزل في ظاهر الرواية. والداعر بالدال والعين المهملتين كل مفسد وجمعه دعار من الدعر وهو الفساد، ومنه دعر العود يدعر بكسر العين في الماضي وفتحها في المضارع إذا فسد. وإذا تقيدت بقيام ولايته بطلت اليمين بعزله فلا تعود بعد توليته. ولم يذكر المصنف أن اليمين على الفور أو التراخي. وفي التبيين: ثم إن الحالف لو علم الداعر ولم يعلمه لم يحنث إلا إذا مات هو أو المستحلف أو عزل لأنه لا يحنث في اليمين المطلقة بمجرد الترك بل باليأس عن الفعل، وذلك بما ذكرنا إلا إذا كانت مؤقتة فيحنث بمضي الوقت مع الامكان وإلا فلا اه‍. وفي فتح القدير: ولو حكم بانعقاد هذه للفور لم يكن بعيدا نظرا إلى المقصود وهي المبادرة لزجره ودفع شره، فالدعر يوجب التقييد بالفور وفور علمه به اه‍. وليس العموم في قوله بكل داعر على بابه لأنه لا يمكنه أن يعلمه بكل داعر في الدنيا، وإنما مراده كل داعر يعرفه أو في بلده أو دخل البلد، وأشار المصنف رحمه الله إلى مسائل منها: لو حلف رب الدين غريمه أو الكفيل بأمر المكفول عنه أن لا يخرج من البلد إلا بإذنه تقيد بالخروج حال قيام الدين والكفالة لأن الاذن إنما يصح ممن له ولاية المنع وولاية المنع حال قيامه. ومنها لو حلف لا تخرج امرأته إلا بإذنه تقيد بحال قيام الزوجية بخلاف ما إذا قال إن خرجت امرأته من هذه الدار فعبده حر ولم يقيده بالاذن أو حلف لا يقبلها فخرجت بعد ما أبانها أو قبلها بعدما أبانها حيث يحنث لأنه لم يوجد فيه دلالة التقييد في حال قيام الزوجية. وعلى هذا لو قال لامرأته كل امرأة أتزوجها بغير إذنك طالق فطلق امرأته طلاقا بائنا أو ثلاثا ثم تزوج بغير إذنها طلقت لأنه لم يقيد يمينه ببقاء النكاح لأنها إنما تتقيد به لو كانت المرأة تستفيد ولاية الاذن والمنع بعقد النكاح. ومنها لو أن سلطانا حلف رجلا أن لا يخرج من البلد إلا بإذنه ثم خرج بعد عزله بدون إذنه لا يحنث لأن اليمين تقيدت بحال قيام السلطنة، كذا في المحيط. ولم أر حكم ما إذا حلفه وال ليعلمنه بكل داعر ثم عزل من وظيفته وتولى وظيفة أخرى أعلى منها كالدويدار إذا حلف حقيرا ثم صار واليا وهو المسمى في زماننا بالصوباشاه، وينبغي أن لا يبطل اليمين لأنه صار متمكنا من إزالة الفساد أكثر من الحالة الأولى قوله: (يبر بالهبة بلا قبول بخلاف البيع) فإذا حلف ليهبن فلانا فوهب له فلم يقبل فإنه يبر، ولو حلف ليبيعن كذا فباعه فلم
(٦١٨)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 613 614 615 616 617 618 619 620 621 622 623 » »»
الفهرست