البحر الرائق - ابن نجيم المصري - ج ٤ - الصفحة ٥٩٨
حلف لا يخرج من هذه الدار وهو خارجها لا يحنث حتى يدخل ثم يخرج كما قدمنا فليس عدم الدخول هو الخروج. فالحاصل أن الشهادة على النفي المقصود لا تقبل، سواء كان نفيا صورة أو معنى، سواء أحاط به علم الشاهد أو لا، وسيأتي تفاريعه في الشهادات إن شاء الله تعالى.
قوله: (وحنث في لا يصوم بصوم ساعة بنية وفي صوما أو يوما بيوم) لوجود الشرط في الأول بإمساك ساعة إذ الصوم هو الامساك عن المفطرات على قصد التقرب، وأما إذا حلف لا يصوم صوما أو لا يصوم يوما فإنه لا يحنث بإمساك ساعة لأنه يراد به الصوم التام المعتبر شرعا وذلك بإنهائه إلى آخر اليوم واليوم صريح في تقدير المدة به. ولا يقال المصدر مذكور بذكر الفعل فلا فرق بين حلفه لا يصوم ولا يصوم صوما فينبغي أن لا يحنث في الأول إلا بيوم لأنا نقول: الثابت في ضمن الفعل ضروري لا يظهره أثره في غير تحقيق الفعل بخلاف الصريح لأنه اختياري يترتب عليه حكم المطلق فيوجب الكمال. قيد بيوم لأنه لو حلف ليصومن هذا اليوم وكان بعد أن أكل أو بعد الزوال صحت اليمين وطلقت في الحال مع أنه مقرون بذكر اليوم ولا كمال لأن اليمين تعتمد التصور والصوم بعد الزوال والاكل متصور كما في صورة الناسي، وهو كما قال لامرأته إن لم تصل اليوم فأنت طالق فحاضت من ساعتها أو بعد ما صلت ركعة صحت اليمين وطلقت للحال لأن دور الدم لا يمنع كما في الاستحاضة بخلاف مسألة الكوز لأن محل الفعل وهو الماء غير قائم أصلا فلا يتصور بوجه. واستشكله في فتح القدير على قول أبي حنيفة ومحمد لأن التصور شرعا منتف وكونه ممكنا في صورة أخرى وهي صورة النسيان والاستحاضة لا يفيد فإنه حيث كان في صورة الحلف مستحيلا شرعا لا يتصور الفعل المحلوف عليه لأنه لم يحلف إلا على الصوم والصلاة الشرعيين، أما على قول أبي يوسف فظاهر أنهما ينعقدان ثم يحنث. واعلم أن
(٥٩٨)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 593 594 595 596 597 598 599 600 601 602 603 ... » »»
الفهرست