البحر الرائق - ابن نجيم المصري - ج ٤ - الصفحة ٥٩٧
في ذلك أن يحمل على أنه تعورف بعد أبي حنيفة إيجاب النسك به: كما تعورف بالمشي إلى الكعبة فيرتفع الخلاف، كذا في فتح القدير قوله: (عبده حر إن لم يحج العام فشهدا بنحره بالكوفة لم يعتق) وهذا عند أبي حنيفة وأبي يوسف. وقال محمد: يعتق لأن هذه شهادة قامت على أمر معلوم وهو التضحية ومن ضرورته انتفاء الحج فتحقق الشرط. ولهما أنها قامت على النفي لأن المقصود منها نفي الحج لا إثبات التضحية لأنه لا مطالب لها فصار كما إذا شهدوا أنه لم يحج. غاية الأمر أن هذا النفي مما يحيط به علم الشاهد ولكنه لا يميز بين نفي ونفي تيسيرا، كذا في الهداية: وحاصله أنه لا يفصل في النفي بين أن يحيط به علم الشاهد فتقبل الشهادة به أو لا فلا، بل لا تقبل الشهادة على النفي مطلقا، ولا يرد عليه ما ذكره في السير الكبير شهد على رجل أنه قال المسيح ابن الله ولم يقل قول النصارى والرجل يقول وصلت به ذلك قبلت هذه الشهادة وبانت امرأته وليس هو إلا لأنه أحاط به علم الشاهد لأنا نقول إنها شهادة على أمر وجودي وهو السكوت لأنه انضمام الشفتين فصار كشهود الإرث إذا قالوا نشهد أنه ورائه لا نعلم له وارثا غيره حيث يعطي كل التركة لأنها شهادة على الإرث والنفي في ضمنه والإرث مما يدخل تحت القضاء بخلاف النحر. وأما ما في المبسوط من أن الشهادة على النفي تقبل في الشروط حتى لو قال لعبده إن لم تدخل الدار اليوم فأنت حر فشهدا أنه لم يدخلها قبلت ويقضي بعتقه، وما نحن فيه من قبيل الشروط فأجيب عنه بأنها قامت بأمر ثابت معاين وهو كونه خارجا فيثبت النفي ضمنا. وتعقبه في فتح القدير بأنه يرد عليه أن العبد كما لا حق له في التضحية إذا لم تكن هي شرط العتق فلم تصح الشهادة بها كذلك لا حق له في الخروج لأنه لم يجعل الشرط بل عدم الدخول كعدم الحج في مسألتنا. فلما كان المشهود به مما هو وجودي متضمن للمدعى به من النفي المجعول شرطا قبلت الشهادة عليه، وإن كان غير مدعى به لتضمنه المدعى به كذلك يجب قبول شهادة التضحية المتضمنة لنفي المدعى به فقول محمد رحمه الله أوجه اه‍. فإن قلت: إن عدم الدخول هو الخروج لأنه لا واسطة فله حق في الخروج قلت: لا نسلم أنه الخروج لأنه الانفصال من الداخل إلى الخارج، فإن كان خارجا وقت اليمين واستمر صدق عليه أنه لم يدخل ولم يخرج لأنه لو
(٥٩٧)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 592 593 594 595 596 597 598 599 600 601 602 ... » »»
الفهرست