البحر الرائق - ابن نجيم المصري - ج ٤ - الصفحة ٥٩٩
التمرتاشي ذكر أنه لو حلف لا يصوم فهو على الجائز لأنه لتعظيم الله تعالى وذلك لا يحصل بالفاسد إلا إذا كانت اليمين في الماضي، وظاهره أنه يشكل على مسألة الكتاب فإنه حنثه بعد ما قال ثم أفطر من يومه لكن مسألة الكتاب أصح لأنها نص محمد في الجامع الصغير اه‍.
وقد قدمنا في مسألة الكوز أن الأصح عدم الحنث فيما إذا قال لامرأته إن لم تصل صلاة الفجر غدا فأنت كذا فحاضت بكرة. ونقلناه عن المنتقى فهو مؤيد لبحث المحقق بن الهمام.
والمراد بالبكرة وقت طلوع الفجر إلى طلوع الشمس كما لا يخفى فحينئذ لا يحنث في مسألة الصوم أيضا على الأصح لكن جزم في المحيط بالحنث فيهما وفي الظهيرية ما بعد ما ذكر الحنث: قيل هذا الجواب يستقيم على قول أبي يوسف، وأما على قولهما فلا يستقيم أصله مسألة الكوز، وقيل لا بل هذا الجواب مستقيم على قول الكل. وذكر أبو الفضل في المسألة تفصيلا فقال: إن كانت أطالت الصلاة بحيث لولا إطالتها إياها أمكنها أداؤها حنث، وإن لم يكن منها هذه الإطالة لم يحنث إلا أن الصحيح ما قلنا أنه يحنث على كل حال لأن اليمين لا تعتمد الصحة لكنها تعتمد الامكان والتصور وأنه ثابت ههنا اه‍. وفيه أيضا: لو قال إن لم أصم شهرا فعبدي حر لا ينصرف إلى شهر يليه بل ينصرف إلى شهر في عمره بخلاف إن لم أساكنك شهرا وإن لم آت البصرة شهرا ينصرف إلى ما يليه ولا يحنث حتى يتركه شهرا من حين حلف. والفرق أن النفي معتبر بالاثبات لأن الأشياء تعرف بأضدادها، وفي الاثبات لو قال إن صمت شهرا فعبدي حر تعلق الحنث بصوم شهر ولا ينصرف إلى ما يليه فكذلك في النفي تعلق الحنث بترك الصوم في شهر ولا ينصرف إلى ما يليه، فذكر الوقت فيه لتقدير الصوم به بخلاف المساكنة والضرب والآتيان ونحوه ما ذكر الوقت لتقدير الفعل به وإنما هو لتقدير اليمين فتقيدت بالشهر الذي يليه. ولو قال إن تركت الصوم شهرا ينصرف إلى ما يليه وإن صام يوما قبل مضي الشهر لم يحنث، ولو قال إن تركت صوم شهر أو قال إن لم أصم شهرا أو قال إن صمت شهرا انصرف إلى جميع العمر وتمامه فيه. وفي حيل الولوالجية: حلف بطلاق امرأته أن لا يصوم شهر رمضان فالحيلة فيه أن يسافر ولا يصوم.
قوله: (وفي لا يصلي بركعة وفي صلاة بشفع) أي لو حلف لا يصلي حنث إذا صلى ركعة، ولو حلف لا يصلي صلاة لا يحنث إلا بصلاة شفع. والقياس في الأول أن يحنث بالافتتاح اعتبارا بالشروع في الصوم، وجه الاستحسان أن الصلاة عبارة عن الأركان المختلفة فما لم يأت بجميعها لا تسمى صلاة بخلاف الصوم لأنه ركن واحد وهو الامساك ويتكرر في الجزء الثاني وأما في الثانية فالمراد بها الصلاة المعتبر شرعا وأقلها ركعتان للنهي عن البتيراء.
(٥٩٩)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 594 595 596 597 598 599 600 601 602 603 604 ... » »»
الفهرست