البحر الرائق - ابن نجيم المصري - ج ٤ - الصفحة ٥٥٩
المرأة أن زوجي فعل بي كذا وكذا وخاطبت الصبي بذلك حتى سمع أخوها لا تطلق لأنها ما شكت إليه لأنها لم تخاطبه. ولو قال إن شكوت بين يدي أخيك قال في الكتاب: هذا أشد يريد به أنه يخاف عليه أن يحنث. والظاهر أنه لا يحنث لأنه يراد في العرف بالشكاية بين يديه الشكاية إليه، كذا في الواقعات. ولو حلف لا يتكلم فناول امرأته شيئا فقال ها حنث، ولو جاءه كافر يريد الاسلام فبين صفة الاسلام مسمعا له ولا يوجه إليه لم يحنث. وفي المحيط:
لو سبح الحالف للمحلوف عليه للسهو أو فتح عليه القراءة وهو مقتد لم يحنث، وخارج الصلاة يحنث، ولو كتب إليه كتابا أو أرسل إليه رسولا لا يحنث لأنه لا يسمى كلاما عرفا خلافا لمالك وأحمد واستدلالهم بقوله تعالى * (وما كان لبشر أن يكلمه الله إلا وحيا) * إلى قوله * (أو يرسل رسولا) * [الشورى: 15] أجيب عنه بأن مبنى الايمان على العرف: واعلم أن الكلام لا يكون إلا باللسان فلا يكون بالإشارة ولا بالكتابة، والاخبار والاقرار والبشارة تكون بالكتابة لا بالإشارة، والايماء والاظهار والافشاء والاعلام يكون بالإشارة أيضا فإن نوى في ذلك كله أي في الاظهار والافشاء والاعلام والاخبار كونه بالكلام والكتابة دون الإشارة دين فيما بينه وبين الله تعالى. ولو حلف لا يحدثه لا يحنث إلا أنه يشافهه، وكذا لا يكلمه يقتصر على المشافهة. ولو قال لا أبشره فكتب إليه حنث. وفي قوله إن أخبرتني أن فلانا قدم ونحوه يحنث بالصدق والكذب، ولو قال بقدومه ونحوه فعلى الصدق خاصة، وكذا إن أعلمتني وكذا البشارة ومثله إن كتبت إلى أن فلانا قدم فكتب قبل قدومه فوصل إليه الكتاب حنث، سواء وصل إليه قبل قدومه أو بعده، بخلاف إن كتبت إلي بقدومه لا يحنث حتى يكتب بقدومه الواقع، وذكر هشام عن محمد سألني هارون الرشيد عمن حلف لا يكتب إلى فلان فأمر من يكتب إليه بإيماء أو إشارة هل يحنث؟ فقلت: نعم يا أمير المؤمنين إذا كان مثلك. قال السرخسي: وهذا صحيح لأن السلطان لا يكتب بنفسه وإنما يأمر به ومن عادتهم الامر بالايماء والإشارة. ولو حلف لا يقرأ كتاب فلان فنظر فيه حتى فهمه لا يحنث عند أبي يوسف، ويحنث عند محمد لأن المقصود الوقوف على ما فيه لا عين التلفظ به. ولو حلف لا يكلم فلانا وفلانا لم يحنث بكلام أحدهما إلا أن ينوي كلا منهما فيحنث بكلام أحدهما وعليه
(٥٥٩)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 554 555 556 557 558 559 560 561 562 563 564 ... » »»
الفهرست