البحر الرائق - ابن نجيم المصري - ج ٤ - الصفحة ٥٠٠
وهو ينوي صياما ولم ينو عددا معلوما فعليه صيام ثلاثة أيام إذا حنث لأن إيجاب العبد معتبر بإيجاب الله تعالى من الصيام وأدنى ذلك ثلاثة أيام وفي كفارة اليمين، وإن نوى صدقة ولم ينو عددا فعليه إطعام عشرة مساكين لكل مسكين نصف صاع لما ذكرنا اه‍. وفي القنية: نذر أن يتصدق بدينار على الأغنياء ينبغي أن لا يصح. قلت: وينبغي أن يصح إذا نوى أبناء السبيل لأنهم محل الزكاة. ولو قال إن قدم غائبي فلله علي أن أضيف هؤلاء الأقوام وهم أغنياء لا يصح، ولو نذر أن يقول دعاء كذا في دبر كل صلاة عشر مرات لم يصح، ولو قال لله علي أن أصلي على النبي عليه الصلاة والسلام في كل يوم كذا يلزمه، وقيل لا يلزمه، ولو قال إن ذهبت هذه العلة عني فلله علي كذا فذهبت ثم عادت إلى ذلك الموضع لا يلزمه شئ اه‍.
قوله: (ولو وصل بحلفه إن شاء الله تعالى بر) لقوله عليه الصلاة والسلام من حلف على يمين وقال إن شاء الله تعالى فقد بر في يمينه إلا أنه لا بد من الاتصال لأنه بعد الفراغ رجوع ولا رجوع في اليمين إلا إذا كان انقطاعه لتنفس أو سعال ونحوه فإنه لا يضر. وظاهر كلام المصنف رحمه الله تعالى أن اليمين منعقدة إلا أنه لا حنث عليه أصلا لعدم الاطلاع على مشيئة الله تعالى، وهذا قول أبي يوسف رحمه الله تعالى، وعند أبي حنيفة ومحمد رحمة الله تعالى عليهما أن التعليق بالمشيئة إبطال ولذا قال في التبيين: وأراد بقوله بر عدم الانعقاد لأن فيه عدم الحنث كالبر فأطلق عليه اه‍. وقد قدمنا فائدة الاختلاف في آخر باب التعليق من كتاب الطلاق. وأشار المصنف رحمة الله تعالى عليه إلى أن النذر كذلك أيضا إذا وصله بالمشيئة لم يلزمه شئ، وظاهر كلامهم أن كل شئ تعلق بالقول فالمشيئة المتصلة به مبطلة له عبادة أو معاملة بخلاف المتعلق بالقلب كالنية كما قدمناه في الصوم والله تعالى أعلم.
(٥٠٠)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 495 496 497 498 499 500 501 502 503 504 505 ... » »»
الفهرست