البحر الرائق - ابن نجيم المصري - ج ٤ - الصفحة ٥٠٤
كان معناها ما هو داخل البيت مسقفا فإنه يحنت بدخوله لأنه يبات فيه. وأطلق المصنف في الدهليز والصفة وهو مقيد بما إذا لم يصلحا للبيتوتة، أما إذا كان الدهليز كبيرا بحيث يبات فيه فإنه يحنث بدخوله لأن مثله يعتاد بيتوته للضيوف في بعض القرى وفي المدن يبيت فيه بعض الاتباع في بعض الأوقات فيحنث. والحاصل أن كل موضع إذا أغلق الباب صار داخلا لا يمكنه الخروج من الدار وله سعة تصلح للمبيت من سقف يحنث بدخوله، وعلى هذا يحنث بالصفة سواء كان لها أربع حوائط كما هي صفاف الكوفة، أو ثلاثة على ما صححه في الهداية بعد أن يكون مسقفا كما هي صفاف ديارنا لأنه يبات فيه. غاية الأمر أن مفتحه واسع وسيأتي أن السقف ليس شرطا في مسمى البيت فيحنث وإن لم يكن الدهليز مسقفا، كذا في فتح القدير. قوله: (وفي دار بدخولها خربة وفي هذه الدار يحنث وإن بنيت دارا أخرى بعد الانهدام) أي في حلفه لا يدخل دارا لا يحنث بدخولها حربة، وفيما إذا حلف لا يدخل هذه الدار فإنه يحنث بدخولها خربة، وإن بنيت دارا أخرى بعد الانهدام لأن الدار اسم للعرصة عند العرب والعجم. يقال دار عامرة ودار غامرة أي خراب وقد شهدت أشعار العرب بذلك والبناء وصف فيها غير أن الوصف في الحاضر لغو والاسم باق بعد الانهدام.
وفي الغائب تعتبر وأراد بالخربة الدار التي لم يبق فيها بناء أصلا، فأما إذا زال بعض حيطانها وبقي البعض فهذه دار خربة فينبغي أن يحنث في المنكر إلا أن يكون له نية، كذا في فتح القدير. والأصل أن الوصف في المعين لغو إن لم يكن داعيا إلى اليمين وحاملا عليها، وإن كان حاملا عليها تقيدت به كمن حلف أن لا يأكل هذا البسر فأكله رطبا لم يحنث إلا إذا كانت الصفة مهجورة شرعا فحينئذ لا يتقيد بها وإن كانت حاملة كمن حلف لا يكلم هذا الصبي لا يتقيد بصباه كما سيأتي. قيد باليمين لأنه لو وكله بشراء دار منكرة فاشترى دارا خربة نفذ على الموكل لتعرفها من وجه باعتبار بيان الثمن والمحلة وإلا لم تصح الوكالة للجهالة المتفاحشة وهي في اليمين منكرة من كل وجه فافترقا. وأشار المصنف إلى أنه لو حلف لا يدخل هذا المسجد فهدم فصار صحراء ثم دخله فإنه يحنث وهو مروي عن أبي يوسف قال:
هو مسجد وإن لم يكن مبنيا وهذا لأن المسجد عبارة عن موضع السجود وذلك موجود في الخرب ولهذا قال أبو يوسف: إن المسجد إذا خرب واستغنى الناس عنه أنه يبقى مسجدا إلى يوم القيامة، كذا في البدائع. وقول أبي يوسف يبقى المسجد بعد خرابه هو المفتى به كما صرح به في الحاوي القدسي من كتاب الوقف.
قوله: (وإن جعلت بستانا أو مسجدا أو حماما أو بيتا لا كهذا البيت فهدم أو بنى آخر)
(٥٠٤)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 499 500 501 502 503 504 505 506 507 508 509 ... » »»
الفهرست