البحر الرائق - ابن نجيم المصري - ج ٤ - الصفحة ٤٨٩
الصوم فلا يجوز لمن يملك ما هو منصوص عليه في الكفارة أو يملك بدله فوق الكفاف، والكفاف منزل يسكنه وثوب يلبسه ويستر عورته وقوت يومه. ومن الناس من قال قوت شهر وإن كان له عبد وهو محتاج إلى الخدمة لا يجوز له التكفير بالصوم لأنه قادر على الاعتاق. ومن ملك مالا وعليه دين مثل ذلك ووجبت عليه الكفارة فقضى دينه بذلك المال جاز له التكفير بالصوم، وإن صام قبل قضاء الدين اختلفوا فيه، قال بعضهم يجوز له الصوم، وقال بعضهم لا يجوز، وفي الكتاب إشارة إلى القولين. ولو كان له مال غائب أو دين على رجل وليس في يده ما يكفر عن يمينه جاز له الصوم قال: هذا إذا لم يكن المال الغائب عبدا، فإن كان عبدا يجوز في الكفارة لا يجوز له التكفير بالصوم لأنه قادر على الاعتاق ا ه‍. وفي المجتبى: ظاهر المذهب إذا فضل عن حاجته قدر ما يكفر به لا يجوز له الصوم ا ه‍. والاعتبار في العجز وعدمه وقت الأداء لا وقت الحنث، فلو حنث وهو معسر ثم أيسر لا يجوز له الصوم وفي عكسه يجوز. ويشترط استمرار العجز إلى وقت الفراغ من الصوم فلو صام المعسر يومين ثم أيسر لا يجوز له الصوم، كذا في الخانية. وقيد بالتتابع لأنه لو صام الثلاثة متفرقة لا يجوز له ولم يستثن العذر لما في الخلاصة: ولو حاضت المرأة في الثلاثة استقبلت بخلاف كفارة الفطر. وأشار المصنف بالعجز إلى أن العبد إذا حنث لا يكفر إلا بالصوم لأنه عاجز عن الثلاثة، ولو أعتق عنه مولاه أو أطعم أو كسا لا يجزئه، وكذا المكاتب والمستسعي. ولو صام العبد فعتق قبل أن يفرغ ولو بساعة فأصاب مالا وجب عليه استئناف الكفارة بالمال، كذا في فتح القدير. وفي المجتبى: كفر بالصوم وفي ملكه رقبة أو ثياب أو طعام قد نسيه، قيل يجزئه عند أبي حنيفة ومحمد، والصحيح أنه لا يجزئه. وفي الجامع الأصغر: وهب ماله وسلمه ثم صام ثم رجع بالهبة أجزأه الصوم والمعتبر في التكفير حال الأداء لا غير ا ه‍. وهذا يستثنى من قولهم إن الرجوع في الهبة فسخ من الأصل. وفي المجتبى أيضا، بذل ابن المعسر لأبيه مالا ليكفر به لا تثبت القدرة به إجماعا.
قوله: (ولا يكفر قبل الحنث) أي لا يصح التكفير قبل الحنث في اليمين، سواء كان بالمال أو بالصوم، لأن الكفارة لستر الجناية ولا جناية واليمين ليست بسبب لأنها مانعة من الحنث غير مغضية إليه بخلاف التكفير بعد الجرح قبل الموت لأنه مفض، ثم إذا كفر قبله لا يسترده من الفقير لوقوعه صدقة. ولم يذكر المصنف مسألة تعداد الكفارة لتعدد اليمين وهي مهمة. قال في الظهيرية: ولو قال والله والرحمن والرحيم لا أفعل كذا ففعل ففي الروايات الظاهرة يلزمه ثلاث كفارات ويتعدد اليمين بتعدد الاسم لكن يشترط تخلل حرف القسم،
(٤٨٩)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 484 485 486 487 488 489 490 491 492 493 494 ... » »»
الفهرست