البحر الرائق - ابن نجيم المصري - ج ٤ - الصفحة ٥١١
يخرج، وكذا لا يتزوج وهو متزوج، ولا يتطهر وهو متطهر فاستدام الطهارة والنكاح لا يحنث اه‍. والمراد بالدوام المكث ساعة على حاله، وقيد به لأنه لو نزل من ساعته أو نزع الثوب فإنه لا يحنث. وقال زفر: يحنث لوجود الشرط وإن قل. ولنا أن اليمين تعقد للبر فيستثنى منه زمان تحقيقه وسيأتي بيانه إن شاء الله تعالى. وأشار المصنف إلى أنه لو قال كلما ركبت فأنت طالق وهو راكب ومكث ثلاث ساعات طلقت ثلاثا في كل ساعة طلقة بخلاف ما إذا لم يكن راكبا فركب أنها تطلق واحدة ولا تطلق بالاستمرار. وفي المجتبى: وإنما يعطى للدوام حكم الابتداء فيما يمتد إذا كانت اليمين حال الدوام، أما إذا كان قبله فلا، حتى لو قال كلما ركبت هذه الدابة فلله علي أن أتصدق بدرهم ثم ركبها ودام عليها فعليه درهم واحد، ولو قال ذلك حالة الركوب لزمه في كل ساعة يمكنه النزول درهم. قلت: في عرفنا لا يحنث إلا بابتداء الفعل في الفصول كلها وإن لم ينو، وفيه عن أبي يوسف ما يدل عليه وإليه أشار أستاذنا رحمه الله اه‍. فأفاد أن الساعة التي تكون دواما هي ما يمكنه النزول فيها، وأشار المصنف إلى أنه لو حلف ليدخلنها غدا وهو فيها فمكث حتى مضي الغد حنث لأنه لم يدخلها فيه إذ لم يخرج، ولو نوى بالدخول الإقامة فيه لم يحنث وإلى هنا فرغ المصنف من مسائل الدخول لكنه لم يستوفها ونحن نذكر ما فاته منها تكثيرا للفائدة ولكثرة الاحتياج إلى مسائل الايمان، ففي الظهيرية: لو حلف لا يدخل في هذه السكة فدخل دارا من تلك السكة لا من السكة بل من السطح أو غيره اختلفوا فيه، والصحيح أنه لا يحنث إذا لم يخرج إلى السكة.
ولو حلف لا يدخل سكة فلان فدخل مسجدا في تلك السكة ولم يدخل السكة لا يحنث رجل جالس في البيت في المنزل حلف لا يدخل هذا البيت فاليمين على ذلك البيت الذي كان جالسا فيه لأن ما وراء ذلك البيت يسمى منزلا ودارا. هذا إذا كانت اليمين بالعربية، فإن كانت بالفارسية فاليمين على دخول ذلك المنزل وتلك الدار، فإن قال عنيت ذلك البيت الذي كنت جالسا فيه صدق ديانة لا قضاء لأن في الفارسية خانه اسم للكل. هذا إذا لم يشر إلى بيت بعينه، فإن أشار إلى بيت بعينه فالعبرة للإشارة. امرأة حلفت أن لا يدخل زوجها دارها فباعت دارها فدخل الزوج وهي تسكنها، إن كانت نوت أن لا يدخل دارا تسكنها المرأة لا تبطل اليمين بالبيع، وإن لم يكن لها نية فاليمين على دار مملوكة لها.
وقال بعضهم: يعتبر في جنس هذه المسائل سبب اليمين إن كانت اليمين لغيظ من صاحب الدار تبطل اليمين بالبيع، وإن كانت لضرر الجيران لا تبطل اليمين بالبيع. ولو حلف لا يدخل محلة كذا فدخل دارا لها بابان أحدهما مفتوح في تلك المحلة والآخر مفتوح في محلة
(٥١١)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 506 507 508 509 510 511 512 513 514 515 516 ... » »»
الفهرست