البحر الرائق - ابن نجيم المصري - ج ٤ - الصفحة ٤٩٦
قوله: (ومن نذر نذرا مطلقا أو معلقا بشرط ووجد وفى به) أي وفي بالمنذور لقوله عليه السلام من نذر وسمى فعليه الوفاء بما سمى وهو بإطلاقه يشمل المنجز والمعلق ولان المعلق بالشرط كالمنجز عنده. أطلقه فشمل ما إذا علقه بشرط يريد كونه أو لا. وعن أبي حنيفة أنه رجع عنه فقال: إن فعلت كذا فعلي حجة أو صوم سنة أو صدقة ما أملكه أجزأه عن ذلك كفارة يمين. وهو قول محمد ويخرج عن العهدة بالوفاء بما سمى أيضا إذا كان شرطا لا يريد كونه لأن فيه معنى اليمين وهو المنع وهو بظاهره نذر فيتخير ويميل إلى أي الجهتين شاء بخلاف ما إذا كان شرطا يريد كونه كقوله إن شفى الله مريضي لانعدام معنى اليمين فيه. قال في الهداية: وهذا التفصيل هو الصحيح وبه كان يفتي إسماعيل الزاهد كما في الظهيرية.
وقال الولوالجي: مشايخ بلخ وبخارى يفتون بهذا وهو اختيار شمس الأئمة، ولكثرة البلوى في هذا الزمان وظاهر الرواية كما في المختصر للحديث المتقدم. ووجه الصحيح حديث مسلم كفارة النذر كفارة اليمين وهو يقتضى السقوط بالكفارة مطلقا فتعارضا فيحمل مقتضى الايفاء بعينه على المنجز أو المعلق بشرط يريد كون، وحديث مسلم على المعلق بشرط لا يريد كونه لأنه إذا علقه بشرط لا يريده يعلم منه أنه لم يرد كونه المنذور حيث جعله مانعا من فعل ذلك الشرط مثل دخول الدار وكلام زيد لأن تعليقه حينئذ لمنع نفسه عنه بخلاف الشرط الذي يريد كونه إذا وجد الشرط فإنه في معنى المنجز ابتداء فيندرج في حكمه وهو
(٤٩٦)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 491 492 493 494 495 496 497 498 499 500 501 ... » »»
الفهرست