البحر الرائق - ابن نجيم المصري - ج ٤ - الصفحة ٤٩٢
مسلما ثم ارتد والعياذ بالله تعالى ثم أسلم ثم حنث لا يلزمه شئ بعد الاسلام ولا قبله.
قالوا: ولو نذر الكافر بما هو قربة لا يلزمه شئ، وأما تحليفه القاضي وقوله عليه السلام تبرئكم يهود بخمسين يمينا فالمراد كما قلنا صورة الايمان فإن المقصود منها رجاء النكول لأنه يعتقد في نفسه تعظيم اسم الله تعالى وإن كان لا يقبل منه ولا يثاب عليه وهو المراد بقولهم ومع الكفر لا يكون معظما.
قوله: (ومن حرم ملكه لم يحرم) أي لا يصير حراما عليه لذاته لأنه قلب المشروع وتغييره ولا قدرة له على ذلك بل الله تعالى هو المتصرف في ذلك بالتبديل، وغيره إن استباحه كفر أي عامله معاملة المباحة بأن فعل ما حرمه الله فإنه يلزمه كفارة اليمين لقوله تعالى * (يا أيها النبي لم تحرم ما أحل الله لك) * [التحريم: 1] الآيتين. فبين الله تعالى أن نبيه عليه السلام حرم شيئا مما هو حلال وأنه فرض له تحلته فعبر عن ذلك بقوله تحلة أيمانكم فعلم أن تحريم الحلال يمين موجب للكفارة وما في بعض الروايات من أنه يحلف صريحا فليس هو في الآية ولا في الحديث الصحيح إلى آخر ما في فتح القدير. ولو ذكر المصنف بدل الملك الشئ بأن قال ومن حرم شيئا ثم فعله كفر لكان أولى ليشمل الأعيان والافعال وملكه وملك غيره وما كان حلالا وما كان حراما فيدخل فيه ما إذا قال كلامك علي حرام أو معي أو الكلام معك حرام كما في المبتغى. كذا إذا قال دخول هذا المنزل علي حرام ونحوه كما في المجتبى. ولو قال لقوم كلامكم علي حرام أيهم كلم حنث. وفي مجموع النوازل: وكذا كلام فلان وفلان علي حرام يحنث بكلام أحدهما، وكذا كلام أهل بغداد، وكذا أكل هذا الرغيف علي حرام يحنث بأكل لقمة بخلاف ما لو قال والله لا أكلمهم لا يحنث حتى يكلمهم. وفي الخلاصة:
لو قال هذا الرغيف علي حرام حنث بأكل لقمة. وفي فتاوى قاضيخان قال مشايخنا:
الصحيح أنه لا يكون حانثا لأن قوله هذا الرغيف علي حرام بمنزلة قوله والله لا أكل هذا الرغيف، ولو قال هكذا لم يحنث بأكل البعض ا ه‍. مع أن حرمة العين والمراد منها تحريم الفعل فإذا قال هذا الطعام علي حرام فالمراد أكله، وكذا إذا قال هذا الثوب علي حرام فالمراد لبسه إلا إذا نوى غيره كما في الخلاصة: ولو قال لدراهم في يده هذ الدراهم علي حرام إن اشترى بها حنث وإن تصدق بها أو وهبها لم يحنث بحكم العرف كما في المحيط وغيره، ولا خصوصية للدراهم بل لو وهب ما جعله حراما أو تصدق به لم يحنث لأن المراد بالتحريم حرمة الاستمتاع. وفي المحيط: لو قال مالي علي حرام فأنفق منه شيئا حنث، وكذا مال فلان علي حرام فأكل منه أو أنفق حنث، ويدخل فيه ما إذا قال هذا الطعام علي حرام لطعام لا
(٤٩٢)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 487 488 489 490 491 492 493 494 495 496 497 ... » »»
الفهرست